وحسنا وكان تركه قبيحا وإنكاره كفرا وأما إباحة المرء حرمه للنكاح فهذا أعجب ما أتوا به أما علموا أن الله تعالى خلى بين عبده وأمائه يفجر بعضهم ببعض وهو قادر على منعهم من ذلك فلم بفعل بل قوى آلاتهم وقوى شهواتهم على ذلك بإقرار المعتزلة فهذا من الله حسن ومن عباده قبيح لأن الله قبحه ولا مزيد ولو حسنه تعالى لحسن أما شاهدوا انكاح الرجال بناتهممن رجال ثم يطلق الرجل منهم المرأة فمن آخر ثم آخر وهكذا ما أمكنهم وكذلك إن مات عنها فأي فرق في العقول بين إباحة وطئها بلفظ زوجتك أو أنكحتك وبين حظر وطئها بالإطلاق عليه بلفظة قم فطاها فهل ها هنا قبيح إلا ما قبحه الله D أو حسن إلا ما حسن الله D وقال بعضهم الكفر قبيح على كل حال .
قال ابو محمد وهذا كالأول وما قبح الكفر إلا لأن الله قبحه ونهى عنه ولولا ذلك ما قبح وقد أباح الله D كلمة الكفر عند التقية وأباح بها الدم في غير التقية ولو أن امرأ اعتقد أن الخمر حرام قبل أن ينزل تحريمها لكان كافرا أو لكان ذلك منه كفرا أن كان عالما بإباحة الرسول A ثم صار ذلك الكفر إيمانا وصار الآن من اعتقد تحليلها كافرا وصار اعتقاد تحليلها كفر أفصح أن لا كفر إلا ما سماه الله D كفرا ولا إيمانا إلا ما سماه إيمانا وأن الكفر لا يقبح إلا بعد أن قبحه الله D ولا يحسن الإيمان إلا بعد أن حسنة الله D فبطل كل ما قالوه في الجور والكفر والظلم وصح أنه لا ظلم إلا ما نهى الله عنه ولا جور إلا ما كان كذلك ولا عدل إلا ما أمر الله تعالى به أو إباحه أي شيء كان وبالله تعالى التوفيق فإذا هذا كما ذكرنا فقد صح أنه لا ظلم في شيء من فعل الباري تعالى ولو أنه تعالى عذب من لم يقدره على ما أمر به من طاعته لما كان ذلك ظلما إذ لم يسمه تعالى ظلما وكذلك ليس ظلما خلقه تعالى للأفعال التي هي من عباده D كفر وظلم وجور لأنه لا آمر عليه تعالى ولا ناهيا بل الأمر أمره والملك ملكه وقالوا تكليف ما لا يطاق ثم التعذيب عليه قبيح في العقول جملة لا يحسن بوجه من الوجوه فيما بيننا فلا يحسن من الباري تعالى أصلا .
قال أبو محمد نسي هؤلاء القوم ما لا يجب أن ينسى ويقال لهم أليس قول القائل فيما بيننا اعبدوني أسجدوا إلى قبحا لا يحسن بوجه من الوجوه ولا على حال من الأحوال فلا بد من نعم فيقال لهم أو ليس هذا القول من الله تعالى حسنا وحقا فلا بد من نعم فإن قالوا إنما قبح ذلك منا لأننا لا نستحقه قيل لهم وكذلك إنما قبح منا تكليف ما لا يطاق والتعذيب عليه لأننا لا نستحق هذه الصفة وأي شيء أتوا به من الفرق فهو راجع عليهم في تكليف ما لا يطاق ولا فرق وكذلك الممتن بإحسانه الجبار المتكبر ذو الكبرياء قبيح فيما بيننا على كل حال وهو من الله تعالى حسن وحق وقد سمى نفسه الجبار النتكبر وأخبر أن له كبرياء وهو تعالى يمن بإحسانه فإن قالوا حسن ذلك منه لأن الكل خلقه قيل لهم وكذلك حسن منه تكليف من لا يستطيع ثم تعذيبه لأن الكل خلقه وكذلك فيما بيننا من عذب حيوانا بالتف والضرب ثم أحسن علفه ورفهه فهو قبيح على كل وجه وفاعله عابث وهم يقولون أن الباري تعالى أباح ذلك في الحيوان من أكلها وذبحها ثم يعوضها على ذلك وهذا منه D حسن إلا أن يلجؤا إلى أنه تعالى لا يقدر على تعويض الحيوان إلا بعد إيلامها وتعذيبها فهذا أقبح قول وأبينه كذبا وأوضحه نخبة وأتمة كفر أو ذمه للباري تعالى وحسبنا الله ونعم الوكيل فإن قالوا أن إيلام الحيوان قد يحسن فيما