فكيف لم يجب الاشتراك البتة بين الله تعالى وبيننا عندهم في هذه الوجوه كلها ووجب أن يكون شركاؤه في شيء ليس للاشتراك البتة فيه مدخل وهو خلقه تعالى لأفعال لنا هو فاعل لها بمعنى مخترع لها ونحن فاعلون لها بمعنى ظهورها محمولة فينا وهذا خلاف فعل الله تعالى لها وقد قال بعض أصحابنا بأن الأفعال لله تعالى من جهة الخلق وهي لنا من جهة الكسب .
قال أبو محمد وقد تذاكرت هذا مع شيخ طرابلسي يكنى أبا الحسن معتزلي فقال لي وللأفعال جهات وزاد بعضهم فقال أو ليست إعراضا والعرض لا يحمل العرض والصفة لا تحمل الصفة .
قال أبو محمد وهذا جهل من قائله وقضية فاسدة من إهذار المتكلمين ومشاغبهم وقول يرده القرآن والمعقول والإجماع من جميع اللغات والمشاهدة فأما القرآن فإن الله تعالى يقول عذاب عظيم وعذاب أليم ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر وقال تعالى وأنبتها نباتا حسنا وقال تعالى إن كيد الشيطان كان ضعيفا وقال تعالى ومكروا مكرا كبارا وقال تعالى إن كيدكن عظيم وقال تعالى وجاؤا بسحر عظيم وقال تعالى صفراء فاقع لونها وقال تعالى قد بدت البغضاء من أفواههم وقال تعالى إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وقال تعالى وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم وقال تعالى اتبعوا ما أسخط الله وقال تعالى فلما أضاءت ما حوله وقال تعالى تلفح وجوههم النار وقال تعالى فأخذتكم الصاعقة وقال تعالى ومما تنبت الأرض وقال تعالى لما يتفجر منه الأنهار وقال تعالى فيخرج منه الماء وقال تعالى فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وقال تعالى والفلك تجري في البحر بما ينفع الناس .
قال أبو محمد فوصف الله تعالى العذاب بالعظم بالإيلام وبأن فيه أكبر وأدنى ووصف النبات بالحسن وكيد الشيطان بالضعف وكيد النساء بالعظم والمكر بالكبر والسحر بالعظم واللون بالفقوع وذكر أن البغضاء تبدو وأن الكلام الطيب يصعد إليه تعالى وأن الأعمال الصالحة ترفع الكلام الطيب وأن الظن يردي وأن العمل الرديء يسخط الله تعالى ومثل هذا في القرآن وسنن رسول الله A أكثر من أن يجمع إلا في جزء ضخم فكيف يساعد أمرأ مسلما لسانه على إنكار شيء من هذا بعد شهادة الله D بما ذكرنا وأما إجماع اللغات فكل لغة لا ينكر أحد فيها القول بصورة حسنة وصورة قبيحة وحمرة مشرقة وحمرة مضيئة وحمرة كدرة ولا يختلف أحد من أهل الأرض في أن يقول صف لي عمل فلان وهذا موصوف وصفة عمل كذا وكذا وهذا هو الذي أنكروا بعينه وهو أكثر من أن يحصى وأما الحس والعقل والمعقول فبيقين يدري كل ذي فهم أن الكيفيات تقبل الأشد والأضعف هذه خاصة الكيفية التي توجد في غيرها وكل هذا عرض يحمل عرضا وصفة تحمل صفة .
قال أبو محمد وقد عارضني بعضهم في هذا فقال لو أن العرض يحمل العرض لحمل ذلك العرض عرضا آخر وهكذا أبدا وهذا يوجب وجود أعراض لا نهاية لها وهذا باطل .
قال أبو محمد فقلت أن المشاهدات لا تدفع بهذه الدعوى الفاسدة وهذا الذي ذكرت