حقيقة في شيء من أخبار الله تعالى ولا صحت شريعة أبدا لأنه لا يعجز أحد في أمر من أوامر الله تعالى وفي كل خبر من أخباره D أن يحمله على غير ظاهره وعلى بعض ما يقتضيه عمومه وهذا عين السفسطة والكفر والحماقة ونعوذ بالله من الخذلان ولم يقم برهان على تخصيص قوله تعالى إنا كل شيء خلقناه بقدر .
قال أبو محمد ومن ذلك قوله تعالى ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم .
قال أبو محمد فنص الله على أنه برأ المصائب كلها فهو باريء لها والباريء هو الخالق نفسه بلا شك فصح يقينا أن الله تعالى خالق كل شيء إذ هو خالق كل ما أصاب في الأرض وفي النفوس ثم زاد تعالى بيانا برفع الإشكال جملة بقوله تعالى لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم فبين تعالى ان ما أصاب الأموال والنفوس من المصائب فهو خالقها وقد تكون تلك المصائب أفعال الظالمين بإتلاف الأموال وأذى النفوس فنص تعالى على أن كل ذلك خلق له تعالى وبه D التوفيق وأما من طريق النظر فإن الحركة نوع واحد وكلما يقال على جملة النوع فهو يقال مقول على أشخاص ذلك النوع ولا بد فإن كان النوع لمخلوقا فأشاصه مخلوقة وأيضا فلو كان في العالم شيء غير مخلوق لله D لكان من قال العالم مخلوق والأشياء مخلوقة وما دون الله تعالى مخلوق كاذب لأن في كل ذلك عندهم ما ليس بمخلوق ولكان من قال العالم غير مخلوق ولم يخلق الله تعالى الأشياء صادقا ونعوذ بالله تعالى من كل قول أدى إلى هذا ونسألهم هل لله تعالى إله العالم ورب كل شيء أم لا فإن قالوا نعم سئلوا أعموما أم خصوصا فإن قالوا بل عموما صدقوا ولزمهم ترك قولهم إذ من المحال أن يكون تعالى إلها لما لم يخلق وإن قالوا بل خصوصا قيل لهم ففي العالم إذا ما ليس الله إلها له ومالا رب له وإن كان هذا فإن من قال أن الله تعالى رب العالمين كاذب وكان من قال ليس الله إلها للعالمين ولا برب للعالمين صادقا وهذا خروج عن الإسلام وتكذيب لله تعالى في قوله أنه رب العالمين وخالق كل شيء وقد وافقونا على أن الله تعالى خالق حركات المختارين من سائر الحيوان غير الملائكة والإنس والجن وبالضرورة ندري الحركات الإختيارية كلها نوع واحد فمن المحال الباطل أن يكون بعض النوع مخلوقا وبعضه غير مخلوق .
قال أبو محمد واعترضوا بأشياء من القرآن وهي أنهم قالوا قال الله D فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا وقال تعالى لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله وقال تعالى فتبارك الله أحسن الخالقين وقوله تعالى وتخلقون إفكا وقوله تعالى صنع الله الذي أتقن كل شيء وقوله الذي أحسن كل شيء خلقه وقوله ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت واعترضوا بأشياء من طريق النظر وهي أن قالوا إن كان الله تعالى خلق أعمال العباد فهو إذا يغضب مما خلق ويكره ما فعل ويسخط فعله ولا يرضى ما فعل ولا ما دبر وقالوا أيضا كل من فعل شيئا فهو مسمى به ومنسوب إليه لا يعقل غير ذلك فلو خلق الله الخطاء والكذب والظلم والكفر لنسب كل ذلك إليه تعالى الله عن ذلك وقالوا أيضا لا يعقل فعل واحد من فاعلين