من أصحابه وهم لا يرون الذبائح ولا أيلام الحيوان ولا يعرفون من الأنبياء عليهم السلام إلا عيسى عليه السلام وحده وهم يقرون بنبوة زرادشت ويقولون بنبوة ماني وقالت المزقزنية أيضا كذلك إلا أنهم قالوا نور وظلمة لم يزالا وثالث أيضا بينهما لم يزل إلا أن هؤلاء كلهم متفقون على أن هذه الأصول لم تحدث شيئا هو غيرها لكن حدث من امتزاجها ومن ابعاضها بالاستحالة صور العالم كله فهذه الفرق كلها مطبقة على أن الفاعل أكثر من واحد وإن اختلف في العدد والصفة وكيفية العقل والزامات الشرائع وكلامنا هذا كلام اختصار وإيجاز وقصد إلى استيعاب قواعد الاستدلال والبراهين الضرورية والنتائج الواجبة من المقدمات الأولية الصحيحة واضراب عن الشغب والتطويل الذي يكتفى بغيره عنه فإنما وكدنا بعون الله تعالى أن نبين بالبراهين الضرورية أن الفاعل واحد لا أكثر البتة ونبين بطلان أن يكون أكثر من واحد كما فعلنا بتأييد الله D إذ بينا بالبراهين الضرورية أن العالم محدث كان بعد أن لم يكن وأن له مخترعا مدبرا لم يزل وسقطت خرافاتهم المضافة إلى الأوائل الفاسدة في وصفهم الفاعلين وكيفية أفعالهم إذ لاتكون صفة إلا لموصوف فإذا بطل الموصوف بطلت الصفة التي وصفوه بها .
وأما الاشتغال أحكامهم الشرعية فلسنا من ذلك في شيء لأنه ليس من الشرائع العلمية شيء يوجبه العقل ولا شيء يمنع منه العقل بل كلها من باب الممكن فإذا قامت البراهين الضرورية على قول الأمر بها ووجوب طاعته وجب قبول كل ما أتى به كائنا ما كان من الأعمال ولو أنه قتل أنفسنا وأبنائنا وابائنا وامهاتنا وإذا لم يصح قول الأمر بها ولم يصح وجوب طاعته لا يلتفت إلى ما يأمر به أي شيء كان من الأعمال وكل شريعة كانت على خلاف هذا فهي باطلة فكلامنا مع الفرق التي ذكرنا في إثبات أن الفاعل الأول واحدا لا أكثر وإبطال أن يكون أكثر من واحد وهو حاسم لكل شغب يأتون به بعد ذلك وكاف من التكلف لما قد كفته المرء بيسير من البيان وما توفيقنا إلا بالله تعالى .
ونبدأ بحول الله تعالى وقدرته بإيراد عمدة ما موهو به في إثبات أن الفاعل أكثر من واحد ثم ننقضه بحول الله تعالى وقوته بالبراهين الواضحة ثم نشرع إن شاء الله تعالى في إثبات أنه تعالى واحد بما لا سبيل إلى رده ولا اعتراض فيه كما فعلنا فيما خلا من كتابنا والحمد لله رب العالمين وبالله تعالى التوفيق .
عمدة ما عول عليه القائلون بأن الفاعل أكثر من واحد استدلالان فاسدان أحدهما هو إستدلال المانية