وهو قولهم فقد أقروا بأن طبع هذا الخلاء الغالب بجميع الطبائع هو أن يجتذب المتمكنات إلى نفسه فيمتلىء بها حتى أنه يحيل قوى العناصر عن طباعها فوجب أن يكون ذلك الخلاء الخارج عن الفلك لذلك أيضا ضرورة لأن هذه صفة طبعه وجنسه فوجب بذلك ضرورة أن يكون متمكنا فيه ولا بد وإذا كان هذا وذلك الخلاء عندهم لا نهاية له فالجسم المالىء له أيضا لا نهاية له وقد قدمنا البراهين الضرورية أنه لا يجوز وجود جسم لا نهاية له فالخلاء باطل ولو كان ذلك أيضا لكان ملأ له خلاء وهذا خلاف قولهم فإن قالوا بل ذلك الخلاء هو من غير جنس هذا الخلاء يقال لهم فبأي شيء عرفتموه وبم استدللتم عليه وكيف وجب أن تسموه خلاء وهو ليس خلاء وهذا لا مخلص منه وبالله تعالى التوفيق وهم في هذا سواء ومن قال إن في مكان خارج من العالم ناسا لا يحدون بحد الناس ولا هم كهؤلاء الناس أو من قال إن في خارج الفلك نارا محرقة ليست من جنس هذه النار وكل هذا حمق وهوس .
الكلام على من قال إن فاعل العالم ومدبره أكثر من واحد .
قال أبو محمد Bه افترق القائلون بأن فاعل العالم أكثر من واحد فرقا ثم ترجع هذه الفرق إلى فرقتين فإحدى الفرقتين تذهب إلى أن العالم غير مدبريه وهم القائلون بتدبير الكواكب السبعة وازليتها وهم المجوس فإن المتكلمين ذكروا عنهم أنهم يقولون أن الباري D لما طالت وحدته استوحش فلما استوحش فكر فكرة سوء فتجسمت فاستحالت ظلمة فحدث منها أهرمن وهو ابليس فرام البارىء تعالى ابعاده عن نفسه يستطع فتحرز منه بخلق الخيرات وشرع أهرمن في خلق الشر ولهم في ذلك تخليط كثير .
قال أبو محمد Bه وهذا أمر لا تعرفه المجوس قولهم الظاهر هو أن الباري تعالى وهو أورمن وابليس وهو اهرمن وكام وهو الزمان وجام وهو المكان وهو الخلاء أيضا ونوم وهو الجوهر وهو أيضا الهيولي وهو أيضا الطينة والخميرة خمسة لم تزل وإن أهرمن هو فاعل الشرور وإن أورمن فاعل الخيرات وإن نوم هو المفعول فيه كل ذلك .
وقد أفردنا في نقض هذه المقالة كتابا جمعناه في نقض كلام محمد بن زكريا الرازي الطبيب في كتابه الموسوم بالعلم الإلهي والمجوس يعظمون الأنوار والنيران والمياه الا انهم يقرون بنبوة زرادشت ولهم شررائع يضيفونها إليه ومنهم