وبلاد الجزيرة وسكن في بلاد الأسباط العشرة أهل آمد والجزيرة فأظهروا دين السامرة الذين هناك إلى اليوم ثم مات حزقيا وولي بعده ابنه منشا بن حزقيا وله ثنتا عشرة سنة ففي السنة الثالثة من ملكه أظهر الكفر وبنى بيوت الأوثان وأظهر عبادتها هو وجميع أهل مملكته وقتل شعيا النبي قيل نشره بالمنشار من رأسه إلى مخرجه وقيل قتله بالحجارة وأحرقه بالنار والعجب كله أنهم يصفون في بعض كتبهم بأن الله أوحى إليه مع ملك من الملائكة وأن ملك بابل كان أسره وحمله إلى بلده وأدخله في ثور نحاس وأوقد النار تحته فدعا الله فأرسل إليه ملكا فأخرجه من الثور ورده إلى بيت المقدس وأنه تمادى مع ذلك كله على كفره حتى مات وكانت ولايته خمسا وخمسين فقولوا يا معشر السامعين بلد تعلن فيه عبادة الأوثان وتبنى هياكلها ويقتل من وجد فيه من الأنبياء كيف يجوز أن يبقى فيه كتاب الله سالما أم كيف يمكن هذا فلما مات منشا ولي مكانه ابنه آمون بن منشا وهو ابن اثنين وعشرين عاما فكانت ولايته سنتين على الكفر وعبادة الأوثان إلى أن مات فولى مكانه ابنه يوشيا بن آموز وهو ابن ثمان سنين ففي السنة الثالثة من ملكه أعلن الإيمان وكسر الصلبان وأحرقها واستأصل هياكلها وقتل خدامها ولم يزل على الإيمان إلى أن قتل قتله ملك مصر وفي أيامه أخذ أرميا النبي السرادق والتابوت والنار وأخفاها حيث لا يدري أحد لعلمه بفوت ذهاب أمرهم ثم ولى بعده ابنه يهويا حوز بن يوشيا وهو ابن ثلاث وعشرين سنة فرد الكفر وأعلن عبادة الأوثان وأخذ التوراة من الكاهن الهاروني ونشر منها أسماء لله حيث وجدها وكانت ولايته ثلاثة أشهر وأسرة ملك مصر فولي مكانه يهويا قيم بن نوشيا أخوه وهو ابن خمس وعشرين سنة فأعلن الكفر وبنى بيوت الأوثان هو وجميع أهل مملكته وقطع الدين جملة وأخذ التوراة من الهاروني فأحرقها بالنار وقطع أثرها وكانت ولايته إحدى عشرة سنة ومات فولي مكانه ابنه يهويا كين بن يهويا قيم وتلقب بنخيا وهو بن ثمان عشرة سنة فأقام على الكفر وأعلن عبادة الأوثان وكانت ولايته ثلاثة أشهر وأسرة بختنصر فولى مكانه عمه متنيا بن يوشيا وتلقب صدقا وهو ابن إحدى وعشرين سنة فثبت على الكفر وأعلن عبادة الأوثان هو وجميع أهل مملكته وكانت ولايته إحدى عشر سنة وأسره بختنصر وهدم البيت والمدينة واستأصل جميع بني إسرائيل وأخلى البلد منهم وحملهم إلى بلاد بابل وهو آخر ملوك بني إسرائيل وبني سليمان جملة فهذه كانت صفة ملوك بني سليمان بن داوود عليهما السلام .
فاعلموا الآن أن التوراة لم تكن من أول دولتهم إلى انقضائها إلا عند الهاروني الكوهن الأكبر وحده في الهيكل فقط وأما ملوك الأسباط العشرة فلم يكن فيهم مؤمن قط ولا واحد فما فوقه بل كانوا كلهم معلنين بعبادة الأوثان مخيفين للأنبياء مانعين القصد إلى بيت المقدس لم يكن فيهم نبي قط إلا مقتولا أو هاربا مخافا .
فإن قيل أليس قد قتل إلياس جميع أنبياء بابل لأجل الوثن الذي كان يعبده الملك والنخلة التي كانت تعبدها بني إسرائيل وهم ثمانمائة وثمانون رجلا .
قلنا إنما كان بإقرار كتبهم في مشهد واحد ثم هرب من وقته وطلبته امرأة الملك لتقتله وما أبصره أحد فأول ملوك الأسباط العشرة يربعام بن ناباط الأفرايمي وليهم أثر موت سليمان النبي صلى الله عليه سلم فعمل من حينه عجلين من ذهب وقال هذان إلاهاكم اللذان خلصاكم من مصر وبنى لهما هيكلين وجعل لهما سدنة من غير بنى لاوى وعبدهما هو وجميع