في الجسم وترك فعل الله تعالى للجسم والعرض ليس محمولا فليس عرضا فترك فعل الله تعالى للجسم والعرض ليس هو جسما ولا عرضا وإنما هو عدم والعدم ليس معنى ولا هو شيئا وترك الله تعالى للفعل ليس فعلا البتة بخلاف صفة خلقة لأن الترك من المخلوق للفعل فعل برهان ذلك أن ترك المخلوق للفعل لا يكون إلا بفعل آخر منه ضرورة كتارك الحركة لا يكون إلا بفعل السكون وتارك الأ كل لا يكون إلا باستعمال آلات الأكل في مقاربة بعضها بعضا أو في مباعدة بعضها بعضا وبتعويض الهواء وغيره من الشيء المأكول وكتارك القيام لا يكون إلا باشتغاله بفعل آخر من قعود أو غيره فصح أن فعل الباري تعالى بخلاف فعل خلقه وأن تركه للفعل ليس فعلا أصلا فبطل استدلالهم وبالله التوفيق .
قال أبو محمد رضى الله عنه فإذ قد بطل جميع ما تعلقوا به ولم يبق لهم شغب أصلا بعون الله وتأييده فنحن مبتدئون بتأييده D في إيراد البراهين الضرورية على إثبات حدوث العالم بعد أن لم يكون وتحقيق أن له محدثا لم يزل لا إله إلا هو .
برهان أول قال أبو محمد Bه فنقول وبالله التوفيق إن كل شخص في العالم وكل عرض في شخص وكل زمان فكل ذلك متناه ذو أول نشاهد ذلك حسا وعيانا لأن تناهي الشخص ظاهر بمساحته بأول جرمه وآخره وأيضا بزمان وجوده وتناهي العرض المحمول ظاهر بين بتناهي الشخص الحامل له وتناهي الزمان موجود باستئناف ما يأتي منه بعد الماضي وفناء كل وقت بعد وجوده واستئناف آخر يأتي بعده إذ كل زمان فنهايته الآن وهو حد الزمانين فهو نهاية الماضي وما بعده ابتداء للمستقبل وهكذا أبدا يفنى زمان ويبتدئ آخر وكل جملة من جمل الزمان فهي مركبة من أزمنة متناهية ذات أوائل كما قدمنا وكل جملة أشخاص فهي مركبة من أجزاء متناهية بعددها وذوات أوائل كما قدمنا وكل مركب من أجزاء متناهية ذات أوائل فليس هو شيئا غير أجزائه إذ الكل ليس هو شيئا غير الأجزاء التي ينحل إليها وأجزاؤه متناهية كما بينا ذات أوائل فالجمل كلها بلا شك متناهية ذات أوائل والعالم كله إنما هو أشخاصه ومكانه وأزمانها ومحمولانها ليس العالم كله شيئا غير ما ذكرناه وأشخاصه ومكانه وأزمانها ومحمولانها ذوات أوائل كما ذكرنا فالعالم كله متناه ذو أول ولا بد فإن كانت أجزاؤه كلها متناهية ذات أول بالمشاهدة والحس وكان هو غير ذي أول وقد أثبتنا بالضرورة والعقل والحس أنه ليس هو شيئا غير