البتة كابر العيان لإنكاره الماشي والقائم والقاعد والمتحرك والساكن ومن دفع بهذا كان في نصاب من لا يكلم وإن أثبت الفعل والفاعل فيما بيننا قيل له هل بفعل الجسم إلا الحركة والسكون فلا بد من نعم والحركة والسكون خلاف الجسم وليس ضدا له إذ ليسامعه تحت جنس واحد أصلا وإنما يجمعها وإياه الحدوث فقط فلو كان كل خلاف ضدا لكان الجسم فاعلا لضده وهو الحركة أو السكون وهذا هو نفس ما أبطلوا فصح بالضرورة أنه ليس كل خلاف ضدا وصح أن الفاعل يفعل خلافه ولا بد من ذلك فبطل اعتراضهم والحمد لله رب العالمين .
إفساد الاعتراض الرابع قال أبو محمد Bه ويقال لمن قال لا يخلو من أن يكون محدث الأجسام أحدثها لإحراز منفعة أو لدفع مضرة أو طباعا أو لا لشيء من ذلك إلى انقضاء كلامهم .
أما الفعل لإحراز منفعة أو لدفع مضرة فإنما يوصف به المخلوقون المختارون .
وأما فعل الطباع فإنما يوصف به المخلوقون غير المختارين وكل صفات المخلوقين فهي منفية عن الله تعالى الذي هو الخالق لكل ما دونه .
أما القسم الثاني وهو أنه فعل لا لشيء من ذلك فهذا هو قولنا ثم نقول لمن قال أن الفعل لا لشيء من ذلك أمر غير معقول ماذا تعني بقولك غير معقول أتريد أنه لا يعقل حسا أو مشاهدة أم تقول أنه لا يعقل استدلالا فإن قلت إنه لا يعقل حسا ومشاهدة قلنا لك صدقت كما أن أزلية الأشياء لا نعقل حسا ومشاهدة وإن قلت أنه لا يعقل استدلالا كان ذلك دعوى منك مفتقرة إلى دليل والدعوى إذا كانت هكذا فهي ساقطة فالاستدلال بها ساقط فكيف والفعل لا لشيء من ذلك متوهم ممكن غير داخل في الممتنع وما كان هكذا فالمانع منه مبطل والقول به يعقل فسقط هذا الاعتراض ثم نقول لما كان الباري تعالى بالبراهين الضرورية خلافا لجميع خلقه من جميع الوجوه كان فعله خلافا لجميع أفعال خلقه من جميع الوجوه وجميع خلقه لا نفعل إلا طباعا أو لاجتلاب منفعة أو لدفع مضرة فوجب أن يكون فعله تعالى بخلاف ذلك وبالله التوفيق .
إفساد الاعتراض الخامس قال أبو محمد Bه ويقال لمن قال إن ترك الفاعل أن يفعل الأجسام لا يخلو من أن يكون جسما أو عرضا إلى منتهى كلامهم إن هذه قسمة فاسدة بينة العوار وذلك أن الجسم هو الطويل العريض العميق وترك الفعل ليس طويلا ولا عريضا ولا عميقا فترك الفعل من الله تعالى للجسم والعرض ليس جسما والعرض هو المحمول