ومثال ذلك شاهدا رجل ضرب عبده وبالغ في تأديبه فاتصل الخبر بسلطان الوقت فهم بزجره فلما استحضره قال معتذرا أنه عصاني ولم يمتثل أمري فاتهمه السلطان فقال سيد الغلام انا أحقق قولي بين يديك فاستدعى العبد فآمره بأمر بمرأى منك ومسمع فإن خالفني بان صدقي وإن أطاعني بان كذبي فاستحضره وأمره بشرائط الأمر وصورته كلها موجودة ونعلم أن مراد السيد أن لا يمتثل أمره ليمهد عذره عند الأمير فيصح أن الآمر يجوز أن يأمر بما لا يريده .
هذا من جهة المشاهدة ومن جهة الشرع فإن الله سبحانه أمر إبراهيم الخليل عليه السلام بذبح ولده وما أراد الذبح فإن قالوا ذلك لم يكن أمرا على التحقيق فخطأ لأن مثل إبراهيم E لا يجوز أن يقدم على ذبح ولده من غير أمر .
فإن قالوا هو لم يكن مأمورا بالذبح حقيقة وإنما كان مأمورا بمقدمات الذبح من شد الأطراف والقصد إلى الذبح .
والدليل عليه أن الله تعالى قال قد صدقت الرؤيا فدل على أنه لم يكن مأمورا إلا بما فعل .
قلنا هذا محال لأن الله سبحانه قال إن هذا لهو البلاء المبين .
وليس في مقدمات الذبح بلاء مبين وأيضا فإن الله تعالى قال وفديناه بذبح عظيم ولو كان المأمور به مقدمات الذبح ما احتاج إلى