والعلوم مشاركة للحوادث في كونها أفعالا حادثة فوجب أن يتقدمها علوم غيرها وفي ذلك إثبات علوم لا نهاية لها ويقتضي ذلك إلى القول بقدم العالم .
فإن قالوا العلم يحدث من غير علوم تتقدمها فيلزمهم من ذلك استغناء جملة الحوادث عن العلم وهو باطل على القطع .
ومن الدليل على بطلان قوله أن العلوم الحادثة لا تخلو أما أن تكون في غير محل أو قائمة بأجسام أو قائمة بذات الباري تعالى .
فإن زعمتم أنها قائمة لا في محل فالرد عليه مثل الرد على المعتزلة البصرية في الإرادة .
وإن زعموا قيامه بذات الباري فالكلام عليه مثل الكلام على الكرامية حيث جوزوا إقامة الحوادث بذاته .
وإن زعموا قيام العلوم بأجسام لزمهم من ذلك أن يقوم علم بجسم والعالم به جسم آخر وذلك باطل على القطع .
وشبهه الجهمية قالوا الباري تعالى عالم في أزله بأن العالم سيقع فلما وقع كان ذلك معلوما مجددا إلا أنه من قبل ما علمه واقعا وإذا تجدد له حكم اقتضى تجدد موجب الحكم وفي ذلك إثبات علوم متجددة .
قلنا الباري تعالى لا يتجدد له حكم ولا تتعاقب عليه الأحوال لأنه يلزم من ذلك القول بحدوث الصانع كما لزم القول بحدوث الجوهر