ورحل إلى المشرق أول المحرم من سنة إحدى وثمانين وأربعمائة وحج من عامه ولقي بمكة أبا عبد الله الحسن بن علي الطبري وأبا بكر الطرطوشي وغيرهما ثم سار إلى البصرة فلقي بها أبا يعلى المالكي وأبا العباس الجرجاني وأبا القاسم بن شعبة وغيرهم وخرج إلى بغداد فسمع بواسط من أبي المعالي محمد بن عبد السلام الأصبهاني وغيره ودخل بغداد سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة فأطال الإقامة بها خمس سنين كاملة وسمع بها من أبي الفضل بن خيرون مسند بغداد ومن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وطراد الزينبي والحميدي وغيرهم وتفقه عند أبي بكر الشاشي وغيره ثم رحل منها سنة سبع وثمانين فسمع بدمشق من أبي الفتح نصر المقدسي وأبي الفرج الإسفراييني وغيرهما وسمع بمصر من القاضي أبي الحسن الخلعي وأبي العباس أحمد بن إبراهيم الرازي وأجاز له الحبال مسند مصر في وقته ومكثرها وسمع بالإسكندرية من أبي القاسم الوراق وشعيب بن سعيد وغيرهما ووصل إلى الأندلس في صفر من سنة سبعين وأربعمائة وقصد مرسية فاستوطنها وقعد يحدث الناس بجامعها ورحل الناس من البلدان إليه وكثر سماعهم عليه وكان عالما بالحديث وطرقه عارفا بعلله وأسماء رجاله ونقلته وكان حسن الخط جيد الضبط وكتب بخطه علما كثيرا وقيده وكان حافظا لمصنفات الحديث قائما عليها ذاكرا لمتونها وأسانيدها ورواتها وكتب منها صحيح البخاري في سفر وصحيح مسلم في سفر وكان قائما على الكتابين مع مصنف أبي عيسى الترمذي وكان فاضلا دينا متواضعا حلوما وقورا عالما عاملا واستقضي بمرسية ثم استعفى فأعفي