أزدجر أدل الطريق على المستدلين وأبقى مقيما مع الحائرين كلا إن هذا لهو البلاء المبين ( إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ) [ الأعراف 155 ] اللهم فرغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما تكفلت لي به ولا تحرمني وأنا أسألك ولا تعذبني وأنا أستغفرك يا أرحم الراحمين وسمع منذر بالأندلس من عبيد الله بن يحيى بن يحيى ونظرائه ثم رحل حاجا سنة ثمان وثلاثمائة فاجتمع بعدة أعلام وظهرت فضائله بالمشرق وممن سمع عليه منذر بالمشرق ثم بمكة محمد بن المنذر النيسابوري سمع عليه كتابه المؤلف في اختلاف العلماء المسمى بالإشراف وروى بمصر كتاب العين للخليل عن أبي العباس بن ولاد وروى عن أبي جعفر بن النحاس .
وكان منذر متفننا في ضروب العلوم وغلب عليه التفقه بمذهب أبي سليمان داود بن علي الأصبهاني المعروف بالظاهري فكان منذر يؤثر مذهبه ويجمع كتبه ويحتج لمقالته ويأخذ به في نفسه وذويه فإذا جلس للحكومة قضى بمذهب الإمام مالك وأصحابه وهو الذي عليه العمل بالأندلس وحمل السلطان أهل مملكته عليه وكان خطيبا بليغا عالما بالجدل حاذقا فيه شديد العارضة حاضر الجواب عتيده ثابت الحجة ذا شارة عجيبة ومنظر جميل وخلق حميد وتواضع لأهل الطلب وانحطاط إليهم وإقبال عليهم وكان - مع وقاره التام - فيه دعابة مستملحة وله نوادر مستحسنة وكانت ولايته القضاء بقرطبة للناصر في شهر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ولبث قاضيا من ذلك التاريخ للخليفة الناصر إلى وفاته ثم للخليفة الحكم المستنصر إلى أن توفي C تعالى عقب ذي القعدة من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة فكانت ولايته لقضاء