ولنذكر هذه الحكاية وغيرها وإن خالف السياق ما سبق وهذا منقول من كلام الحجاري في المسهب في أخبار المغرب فإنه أتم فائدة إذ قال C دخل منذر بن سعيد يوما على الناصر باني الزهراء وهو مكب على الاشتغال بالبنيان فوعظه فأنشده عبد الرحمن الناصر .
( همم الملوك إذا أرادوا ذكرها ... من بعدهم فبألسن البنيان ) .
( أو ما ترى الهرمين قد بقيا وكم ... ملك محاه حوادث الأزمان ) .
( إن البناء إذا تعاظم شأنه ... أضحى يدل على عظيم الشان ) قال فما أدري أهذا شعره أم تمثل به فإن كان شعره فقد بلغ به إلى غاية الإحسان وإن كان تمثل به فقد استحقه بالتمثل به في هذا المكان وكان منذر يكثر تعنيته على البنيان ودخل عليه مرة وهو في قبة قد جعل قرمدها من ذهب وفضة واحتفل فيها احتفالا ظن أن أحدا من الملوك لم يصل إليه فقام خطيبا والمجلس قد غص بأرباب الدولة فتلا قوله تعالى ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ) الآية وأتبعها بما يليق بذلك فوجم الملك وأظهر الكآبة ولم يسعه إلا الاحتمال لمنذر بن سعيد لعظم قدره في علمه ودينه .
وحضر معه يوما في الزهراء فقام الرئيس أبو عثمان بن إدريس فأنشد الناصر قصيدة منها .
( سيشهد ما أبقيت أنك لم تكن ... مضيعا وقد مكنت للدين والدنيا ) .
( فبالجامع المعمور للعلم والتقى ... وبالزهرة الزهراء للملك والعليا )