طلقتها برغمك وهيهات فوالله ما فارقتك تلك الأجارع والمجاني ولا شاقتك تلك المنازل والمغاني إلا تذكرا لما لدينا من طيب المعاهد وحنينا إلى ما عندنا من جميل المشاهد وأين من المشتاق عنقاء مغرب ثم ذكر كلاما في جواب ما مر من الخمار لم يتعلق لي به غرض وما أحلى ما كتب به أبو إسحاق بن خفاجة من رسالة في ذكر منتزه ولما أكب الغمام إكبابا لم أجد منه إغبابا واتصل المطر اتصالا لم ألف منه انفصالا أذن الله تعالى للصحو أن يطلع صفحته وينشر صحيفته فقشعت الريح السحاب كما طوى السجل الكتاب وطفقت السماء تخلع جلبابها والشمس تحط نقابها وتطلعت الدنيا تبتهج كأنها عروس تجلت وقد تحلت ذهبت في لمة من الإخوان نستبق إلى الراحة ركضا ونطوي للتفرج أرضا فلا ندفع إلى غدير نمير قد استدارت منه في حباب فترددنا بتلك الأباطح نتهادى تهادي أغصانها ونتضاحك تضاحك أقحوانها وللنسيم أثناء ذلك المنظر الوسيم تراسل مشي على بساظ وشي فإذا مر بغدير نسجه درعا وأحكمه صنعا وإن عثر بجدول شطب منه نصلا وأخلصه صقلا فلا ترى إلا بطاحا مملوءة سلاحا كأنما انهزمت هنالك كتائب فألقت بما لبسته من درع مصقول وسيف مسلول .
ومن فصل منها فاحتللنا قبة خضراء ممدودة أشطان الأغصان سندسية رواق الأوراق وما زلنا نلتحف منها ببرد ظل ظليل ونشتمل عليه برداء