من أسوار القنطرة العظمى بحمى لا يخفر وأخذ أعقابها من الحماة والكماة العدد الأوفر فبادر إليهم سرعان خيل المسلمين فصدقوهم الدفاع والقراع والمصال والمصاع وخالطوهم هبرا بالسيوف ومباكرة بالحتوف فتركوهم حصيدا وأذاقوهم وبالا شديدا وجدلوا منهم جملة وافرة وأمة كافرة وملكوا بعض تلك الأسوار فارتفعت بها راياتهم الخافقة وظهرت عليها عزماتهم الصادقة واقتحم المسلمون الوادي سبحا في غمرة واستهانة في سبيل الله بأمره وخالطوا حامية العدو في ضفته فاقتلعوها وتعلقوا بأوائل الأسوار ففرعوها فلو كنا في ذلك اليوم على عزم من القتال وتيسير الآلات وترتيب الرجال لدخل البلد وملك الأهل والولد لكن أجار الكفار من الليل كافر وقد هلك منهم عدد وافر ورجع المسلمون إلى محلاتهم ونصر الله سافر والعزم ظافر ومن الغد خضنا البحر الذي جعلنا العزم فيه سفينا والتوكل على الله للبلاغ ضمينا ونزلنا من ضفته القصوى منزلا عزيزا مكينا بحيث يجاور سورها طنب القباب وتصيب دورها من بين المخيمات بوارق النشاب وبرزت حاميتها على متعددات الأبواب مقيمة أسواق الطعان والضراب فآبت بصفقة الخسر والثباب ولما شرعنا في قتالها ورتبنا أشتات النكايات لنكالها وإن كنا لم نبق على مطاولة نزالها أنزل الله المطر الذي قدم بعهاده العهد وساوى النجد من طوفانه الوهد وعظم به الجهد ووقع الإبقاء على السلاح والكف بالضرورة عن الكفاح وبلغ المقام عليها والأخذ بمخنقها والثواء لديها خمسة أيام لم تخل فيها الأسوار من اقتراع ولا الأبواب من دفاع عليها وقراع