واشتط أكابر البرابر عليه وطلبوا من إسقاط مراتب السودان فبذل لهم ذلك فلم يقنعوا منه وصاروا معه ما يخرق ويفرغ بيت المال وهر السودان إلى عمه بإشبيلية ومن البرابر ومن جند الأندلس من احتجب عنهم يحيى وتكبر عليهم ولم إليه ملوط الطوائف وبقي منهم كثير على الخطبة لعمه القاسم إلى أن اختلت الحال بحضرة قرطبة وأيقن يحيى أنه متى أقام بها قبض عليه وكان قد ولى على سبتة أخاه إدريس وبلغه أن أهل مالقة خاطبوا خيران وكاتبوه فطمع خيران فيها وفر يحيى في خواصه تحت الليل إلى مالقة ولما بلغ القاسم فراره ركب من إشبيلية إلى قرطبة فخطب له بها يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة 413 ولم تصلح الحال للقاسم منذ وصل إلى الحضرة ووقع الاختلاف وكان هوى السودان معه وهوى كثير من البرابر مع يحيى وهوى أهل قرطبة مع قائم من بني أمية يشيعون ذكره ولا يظهر وكثر الإرجاف بذلك ووقع الطلب على بني أمية فتفرقوا في البلاد ودخلوا في أغمار الناس وأخفوا زيهم ثم إن الخلاف وقع بين البربروأهل قرطبة وتكاثر البلد كثير وابن عباد يضحك على الجميع فيش القاسم وقنع أن يخرجوا إليه ابنه وأصحابه ويسير عنهم فأخرجوهم إليه فسار بهم إلى شريش وعندما استقر بها وصل إليه يحيى ابن أخيه مالقة ومعه وجمع عظيم وحاصره في المدينة عشرين يوما كانت فيها حروب صعاب وقتل من الفريقين خلق كثير وأجلت الحرب عن قهر يحيى لعمه وإسلام أهل شريش له وفر سودانه وحصل القاسم وابنه في يد يحيى وكان قد أقسم أنه إن حصل في يده ليقتله ولا يتركه حتى يلي الإمامة بقرطبة مرة ثانية فرأى التربص في قتله حتى يرى رأيه فيه فحدث عنه بعض أصحابه أنه حمله بقيد إلى مالقة وحبسه عنده وكان كلما سكر وأراد قتله رغبه ندماؤه في الإبقاء عليه لأنه لا قدرة له على الخلاص وكان كلما نام رأى والده عليا في النوم ينهاه عن قتله ويقول له أخي أكبر مني وامتدت الحال على ذلك إلى أن قتله خنقا بعد ثلاث عشرة سنة من حين القبض عليه لأنه كان قد حبسه في حصن من حصون مالقة فنمي إليه أنه قد تحدث مع أهل الحصن في القيام والعصيان فقال أوبقي في رأسه حديث بعد هذا العمر فقتله سنة 427 وبقي أهل قرطبة بعد فرار القاسم عنها نيفا عن شهرين يرون رأيهم فيمن يبايعونه بالإمامة .
ولما كان يوم الثلاثاء نصف شهر رمضان سنة 414 أحضر المستظهر وسليمان بن المرتضى وأموي آخر معه فبايعا المستظهر وقبلا يده بعدما كان قد كتب عقد البيعة باسم سليمان بن المرتضى على ما ارتضاه الأماثل