لا منافاة بينهما فإن المنصور أجاب بالأبيات وهل هو قائلها أم لا الأمر أعم فبين هنا والله أعلم وقال بعض مؤرخي المغرب إن الحاجب المصحفي حصل له في هذه النكبة من الهلع والجزع ما لم يظن أنه يصدر من مثله حتى إنه كتب إلى المنصور بن أبي عامر يطلب منه أن يقعد في دهليزه معلما لأولاده فقال المنصور بدهائه وحذفه إن هذا الرجل يريد أن يحط من قدري عند الناس لأنهم طالما رأوني بدهليزه خادما ومسلما فكيف يرونه الآن في دهليزي معلما ! وكان المنصور يذهب به بعد نكبته معه في غزواته حتى إنه حكى بعضهم أنه رأى الحاجب المصحفي في ليلة نهى المنصور فيها الناس عن إيقاد النيران تعمية على العدو الكافر وهو ينفخ فحما في كانون صغير ويخفيه تحت ثيابه أو كما قال فسبحان مديل الدول لا إله إلا هو فإن هذا المصحفي بلغ من الجلالة والعظم والتحكم في الدولة المدة المديدة أمرا لا مزيد عليه والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ولقد ذكر بعض علماء المغاربة أن من أعاجيب انقلاب الدنيا بأهلها قصة المنصور بن أبي عامر مع الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي ولم يزل أعداء المنصور بن أبي عامر يتربصون به الدوائر فغلب سعده الذي هو المثل السائر وربما همس بعض الشعراء بهجوه وهجو الدولة جميعا إذ قال [ السريع ] اقترب الوعد وحان الهلاك وكل ما تحذره قد أتاك خليفة يلعب