وقوي سلطانه وأعز نصره ومع ذلك فلم يقم بفرض النعمة التي أسديت إليه وقصر في أداء المفروض عليه وحقه وحق مولاي أمير المؤمنين من بعده وأنا قد قصدت باب أمير المؤمنين لغير ضرورة من قرارة سلطاني وموضع أحكامي محكما له في نفسي ورجالي ومعاقلي ومن تحويه من رعيتي فشتان ما بيننا بقوة الثقة ومطرح الهمة فقال الخليفة قد سمعنا قولك وفهمنا مغزاك وسوف يظهر من إقراضنا إياك على الخصوصية شأنه ويترادف من إحساننا إليك أضعاف ما كان من أبينا رضي الله تعالى عنه إلى ندك وإن كان له فضل التقدم بالجنوح إلينا والقصد إلى سلطاننا فليس ذلك مما يؤخرك عنه ولا ينقصك مما أنلناك وسنصرفك مغبوطا إلى بلدك ونشد أواخي ملكك ونملكك جميع من انحاش إليك من أمتك ونعقد لك بذلك كتابا يكون بيدك نقرر به حد ما بينك وبين ابن عمك ونقبضه عن كل ما يصرفه من البلاد إلى يدك وسيترادف عليك من إفضالنا فوق ما احتسبه والله على ما نقول وكيل .
فكرر أردون الخضوع ت وأسهب في الشكر وقام للانصراف مقهقرا لا يولي الخليفة ظهره وقد تكنفه الفتيان فأخرجوه إلى المجلس الغربي في السطح وقد علاه البهر وأذهله الروع من هول ما باشره وجلالة ما عاينه من فخامة الخليفة وبهاء العزة فلما أن دخل المجلس ووقعت عينه على مقعد أمير المؤمنين خاليا منه انحط ساجدا إعظاما له ثم تقدم الفتيان به إلى البهو الذي بجوفي هذا المجلس فأجلسوه هنالك على وساد مثقل بالذهب وأقبل نحوه الحاجب جعفر فلما