خر ساجدا سويعة ثم استوى قائما ثم نهض خطوات وعاد إلى السجود ووالى ذلك مرارا إلى أن قدم بين يدي الخليفة واهوى إلى يده فناوله إياها وكر راكعا مقهقرا على عقبه إلى وساد ديباج مثقل بالذهب جعل له هنالك ووضع على قدر عشرة أذرع من السرير فجلس عليه والبهر قد علاه وأنهض خلفه من استدنى من قوامسه وأتباعه فدنوا ممتثلين في تكرير الخنوع وناولهم الخليفة يده فقبلوها وانصرفوا مقهقرين فوقفوا على رأس ملكهم ووصل بوصولهم وليد بن خيزران قاضي النصارى بقرطبة فكان الترجمان عن الملك أردون ذلك اليوم فأطرق الحكم عن تكليم الملك أردون إثر قعوده أمامه وقتا كيما يفرخ روعة فلما رأى أن قد خفض عليه افتتح تكليمه فقال ليسرك إقبالك ويغبطك تأميلك فلدينا لك من حسن رأينا ورحب قبولنا فوق ما قد طلبته فلما ترجم له كلامه إياه تطلق وجه أردون وانحط عن مترتبته فقبل البساط وقال أنا عبد أمير المؤمنين مولاي المتروك على فضله القاصد إلى مجده المحكم في نفسه ورجاله فحيث وضعني من فضله وعوضني من خدمته رجوت أن أتقدم فيه بينة صادقة ونصيحة خالصة فقال له الخليفة أنت عندنا بمحل من يستحق حسن رأينا وسينالك من تقديمنا لك وتفضيلنا إياك على أهل ملتك ما يغبطك وتتعرف به فضل جنوحك إلينا واستظلالك بظل سلطاننا فعاد أردون إلى السجود عند فهمه مقالة الخليفة وابتهل داعيا وقال إن شانجة ابن عمي تقدم إلى الخليفة الماضي مستجيرا به مني فكان من إعزازه إياه ما بكون من مثله من أعاظم الملوك وأكارم الخلفاء لمن قصدهم وأملهم وكان قصده قصد مضطر قد شنأته رعيته وأنكرت سيرته واختارتني لمكانه من غير سعي مني علم الله ذلك ولا دعاء إليه فخلعته وأخرجته عن ملكه مضطرا مضطهدا فتطول عليه C