الملك معمولة من الزجاج الملون البديع وكان الدرج داخل جعبة ملبسه بالديباج وكان في ترجمة عنوان الكتاب في سطر منه قسطنطين ورومانس المؤمنان بالمسيح الملكان العظيمان ملكا الروم وفي سطر آخر العظيم الاستحقاق المفخر الشريف النسب عبد الرحمن الخليفة الحاكم على العرب بالأندلس أطال الله بقاءه ولما احتفل الناصر لدين الله هذا الاحتفال أحب أن يقوم الخطباء والشعراء بين يديه لتذكر جلالة مقعده وعظيم سلطانه وتصف ما تهيأ من توطيد الخلافة في دولته وتقدم إلى الأمير الحكم ابنه ولي عهده فإعداد من يقوم بذلك من الخطباء ويقدمه أمان نشيد الشعراء فأمر الحكم صنيعة الفقيه محمد بن عبد البر الكسنياني بالتأهب لذلك وإعداد خطبة بليغة يقوم بها بين يدي الخليفة وكان يدعي من القدرة على تأليف الكلام ما ليس في وسع غيره وحضر المجلس السلطاني فلما قام يحاول التكلم بما رأى هاله وبهره هول المقام وأبهة الخلافة فلم يهتد إلى لفظه بل غشي عليه وسقط إلى الأرض فقيل لأبي علي البغدادي إسماعيل بن القاسم القالي صاحب الأمالي النوادر وهو حينئذ ضيف الخليفة والوافد عليه من العراق وأمير الكلام وبحر اللغة قم فارقع هذا الوهي فقام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على نبيه A هكذا ذكر ابن حيان وغيره وكلام ابن خلدون السابق يقتضي أن القالي هو المأمور بالكلام أولا والمعد لذلك ونحوه في المطمح والخطب سهل ثم انقطع القول بالقالي فوقف ساكتا مفكرا في كلام يدخل به إلى ذكر ما أريد منه وقال في المطمح إن أبا علي القالي انقطع وبهت وما وصل إلا قطع ووقف ساكتا متفكرا لا ناسيا ولا متذكرا فلما رأى ذلك منذر بن سعيد وكان ممن حضر في زمرة الفقهاء قام من