فاستبان لهم بخروج الفتيين إليهم بسط الناصر وإكرامه لأن الفتيان حينئذ هم عظماء الدولة لأنهم أصحاب الخلوة مع الناصر وحرمه وبيدهم القصر السلطاني وأنزلوا بمنية ولي العهد الحكم المنسوبة إلى نصر بعدوة قرطبة في الربض ومنعوا من لقاء الخاصة والعامة جملة ومن ملابسة الناس طرا ورتب لحجابتهم رجال تخيروا من الموالي ووجوه الحشم فصيروا على باب قصر هذه المنية ستة عشر رجلا لأربع دول لكل دولة أربع منهم ورحل الناصر لدين الله من قصر الزهراء إلى قصر قرطبة لدخول وفود الروم عليه فقعد لهم يوم السب لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من السنة المذكورة في بهو المجلس الزاهر قعودا حسنا نبيلا وقعد عن يمينه ولي العهد من بنيه الحكم ثم عبيد الله ثم عبد العزيز أبو الأصبغ ثم مروان وقعد عن يساره المنذ ثم عبد الجبار ثم سليمان وتخلف عبد الملك لأنه كان عليلا لم يطق الحضور وحضر الوزراء على مراتبهم يمينا وشمالا ووقف الحجاب من أهل الخدمة من أبناء الوزراء والموالي والوكلاء وغيرهم وقد بسط صحن الدار أجمع بعتاق البسط وكرائم الدرانك وظللت أبواب الدار وجناياها بظلل الديباج ورفيع الستور فوصل رسل ملك الروم حائرين مما رأوه من بهجة الملك وفخامة السلطان ودفعوا كتاب ملكهم صاحب القسطنطينية العظمى قسطنطين بن ليون وهو في رق مصبوغ لونا سماويا مكتوب بالذهب بالخط الإغريقي وداخل الكتاب مدرجة مصبوغة أيضا مكتوبة بفضة بخط إغريقي أيضا فيها وصف هديته التي أرسل بها وعددها وعلى الكتاب طابع ذهب وزنه أربعة مثاقيل على الوجه الواحد منه صورة المسيح وعلى الآخر صورة قسطنطين الملك وصورة ولده وكان الكتاب بداخل