قد اشتغنيتم أو على الامتناع من الرجوع إليه بنيتم .
أما تعلمون كيف كان نبيكم صلوات الله عليه من التبلغ باليسير والاستعداد للرحيل إلى دار الحق والمسير ومداومة الجوع وهجر الهجوع والعمل على الإياب إلى الله تعالى والرجوع دخلت فاطمة رضي الله تعالى عنها وبيدها كسرة شعير فقال ما هذا يا فاطمة فقالت يا رسول الله خبزت قرصة وأحببت أن تأكل منها فقال يا فاطمة أما إنه أول طعام دخل جوف أبيك منذ ثلاث .
وكان يستغفر في اليوم سبعين مرة يلتمس رحماه ويقوم وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر حتى ورمت قدماه وكان شأنه الجهاد ودأبه الجد والاجتهاد ومواقف صبره تعرفها الربى والوهاد ومقامات رفقه تحوم على مراتبها الزهاد فإذا لم تقتدوا به فبمن تقتدون وإذا لم تهتدوا به فبمن تهتدون وإذا لم ترضوه باتباعكم فكيف تعتزون إليه وتنتسبون وإذا لم ترغبوا في الاتصاف بصفاته غضبا لله تعالى وجهادا وتقللا من العرض الأدنى وسهادا ففيم ترغبون .
فابتروا حبال الآمال فكل آت قريب واعتبروا بمثلات من تقدم من أهل البلاد والقواعد فذهولكم عنها غريب وتفكروا في منابرها التي يعلو عليها واعظ وخطيب ومطيل ومطيب ومساجدها المتعددة الصفوف والجماعة المعمورة بأنواع الطاعة وكيف أخذ الله تعالى فيها بذنب المترفين من دونهم وعاقب الجمهور بما أغضوا عنه عيونهم وساءت بالغفلة عن الله تعالى عقبى جميعهم وذهبت النقمات بعاصيهم ومن داهن في أمره من مطيعهم وأصبحت مساجدهم مناصب للصلبان واستبدلت مآذنهم بالنواقيس من الأذان هذا والناس ناس والزمان زمان .
فما هذه الغفلة عمن إليه الرجعة وإليه المصير وإلى متى التساهل في حقوقه