وصار يصرف أغراضه ويظهر أحقاده بين إفصاح بما كان الإعجام خيرا من إلقائه وإن عمر المسكين المستضعف لا حاجة في طول بقائه إلى مجاهرة عهد منه أيام شبيبته نقيضها وانعكس في شاخته تصريحها المنغص وتعريضها لا يريح نفسه من جهد ولا يقف من اللجلجة عند حد وقد كان ثقل سمعه فساءت إجابته وطغت أخلاقه فسئم الناس وساطته وربما استحلف فلم يكن بين اللازمة واللازمة إلا الحنث عن قصد وغير قصد ودعا على نفسه وأبنائه بإنجاز وعد وأن يقيض الله له ولهم قاتل عمد فسبحان القاهر فوق عباده الرحيم بهذا الشخص وبالأموات من شيعته وأولاده فاستمر على ذلك إلى إحدى الليالي فهلك في جنح الليل في جوف داره على يد مخدومه تلقاه زعموا عند الدخول عليه وهو بالمصحف رافع يديه فجدلته السيوف وتناولته الحتوف فقضي عليه وعلى من وجد من خدامه وابنيه كل ذلك بمرأى عين من أهله وبناته ولم يتقوا الله فيه حق تقاته فكانت أنكى الفجائع وأفظع الوقائع وساءت القالة وعظم المصاب وكل شيء إلى أجل نافذ وكتاب انتهى كلام ابن الأحمر في مقدمة كتابه .
وقد اطلعت منه على تصاريف أحوال ابن زمرك وقتله على الوجه الذي يعلم منه أن ثأر لسان الدين ابن الخطيب لديه لا يترك بل قتلته أفظع من قتلة لسان الدين لأن هذا قتل بين عياله وأهله وقتل معه ابناه ومن وجد من خدمه ولسان الدين C تعالى خنق بمفرده وعند الله تجتمع الخصوم وهو العفو الغفور .
وقد فهم من مضمون ما سبق أن قتل ابن زمرك بعد عام خمسة وتسعين وسبعمائة ولم أقف من أمره على غير ما تقدم