وأما إكفاء السماء على الأرض فقواصم نوع صنوفها وأما المجاهرة فوقف بميدان الاعتراض صفوفها وأما المجاملة فنكر معروفها أداه هذا النبأ العظيم إلى سكنى المعتقل بقصبة المرية وعلى الأثر كان الفرج قريبا وسطور المؤاخذة قد أوسعها العفو تضريبا ونالته هذه المحنة عند وفاة مولانا الجد الغني بالله وكانت وفاته غرة شهر صفر عام ثلاثة وتسعين وسبعمائة لأسباب يطول شرحها أطهرها شراسة في لسانه واغترار بمكانه وتضريب بين خدام السلطان وأعوانه فكبا لليدين والفم إلى أن من الله تعالى بسراحه وأعاده إلى الحضرة في أول شهر رمضان المعظم من عام أربعة وتسعين وسبعمائة فكان ما كان من وفاة مولانا الوالد C تعالى وقيام أخينا محمد مقامه بالأمر فاستمر الحال أياما قلائل وقدم للكتابة الفقيه ابن عاصم لمدة من عام ثم أعاد المذكور إلى خطته وقد دمثت بعض أخلاقه وخمدت شراسته وحلا بعض مذاقه فما كان إلا كلا وليت وإذا به قد ساء مشهدا وغيبا وأوسع الضمائر شكا وريبا وغلبت الإحن عليه وغلت مراجلها لديه فصار يتقلب على جمر الغضا ويتبرم بالقضا ويظهر النصح وفي طيه التشفي ويسم نفسه بالصلاح ويعلن بالخشوع ويشير بأنه الناصح الأمين ويتلو قوله تعالى ( ولكن لا تحبون الناصحين ) ورتب على المشتغلين كبيرهم وصغيرهم ذنوبا لم يقترفوها ونسب إليهم نسبا من التضييع لم يعرفوها وأنهم احتجنوا الأموال وأساءوا الأعمال والأقوال فلم يظفر من ذلك بكبير طائل ولا حصل على تفاوت أعداده على حاصل هذا على قلة معرفته بتلك الطريقة الاشتغالية وعدم اضطلاعه بالأمور الجبائية فمن نفس يروع سربها ويكدر بالامتحان والامتهان شربها ومن ضارعة خاشعة لله تعالى سلبت وطولبت بغير ما اكتسبت وتعدت الأيدي إلى أقوام جلة سعدوا بشقائه وامتحنوا وهم المبرأون من تزويره واعتدائه وسيسألون يوم لا يغني مال ولا بنون