النفوس النفيسة لإنشادها وتحضر الأبصار والأسماع عند إيرادها إلى ما يتخللها من تخليد مآثر سلفنا والإشارة بعظيم ملكنا فشرعنا في تقيد أوابداها الشاردة وإحياء روسومها البائدة كلفا بالأدب لوضوح فضله وتأدية لما يجب من رعاية أهله ولنبدأ بالتعريف بحال هذا الرئيس المنبه عليه ونظهر ما كنا نضمره من الميل إليه في كل ما له أو عليه فنقول .
هو الفقيه الكاتب الفذ الأوحد أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن يوسف الصريحي ويعرف بابن زمرك .
أصله من شرق الأندلس وسكن سلفه بالبيازين من غرناطة وبها ولد فنشأ ضئيلا كالشهاب يتوقد مختصر الجرم والأعين بإطالة فواضله تشهد ومكتب الفئة القرآنية يؤثره بالجناب الممهد فاشتغل أول نشأته بطلب العلم والدؤوب على القراءة وأخذ نفسه بملازمة حلقات التدريس ولم يبلغ حد وجوب المفترضات إلا وهو متحمل الرواية وملتمس لفوائد الدراية ومصابح كل يوم أعلام العلوم ومستمد بمصابيح الحدود العلمية والرسوم فافتتح أبواب الكتب النحوية بالإمام أبي عبد الله ابن الفخار الآية الكبرى في فن العربية وتردد الأعوام العديدة إلى قاضي الجماعة أبي القاسم الشريف فأحسن الإصغاء وبذ النحاة البلغاء بما أوجب رثاءه عند الوقوف على ضريحه بالقصيدة الفريدة التي أولها .
( أغرى سراة الحي بالإطراق ... ) .
واهتدى في طريق الخطبة ومناهج الصوفية بالخطيب المعظم أبي عبد الله ابن مزروق الوافد على مولانا الجد أبي الحجاج رضي الله تعالى عنه في عام ثلاثة