وذكر التادلي وغيره أن رجلا جاءه ليعترض عليه فجلس في الحلقة فأخذ صاحب الدولة في القراءة فقال له أبو مدين أمهل قليلا ثم التفت للرجل وقال له لم جئت فقال لأقتبس من نورك فقال له ما الذي في كمك قال له مصحف فقال له أفتحه واقرأ في أول سطر يخرج لك ففتحه وقرأ أول سطر فإذا فيه ( الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) فقال له أبو مدين أما يكفيك هذا فاعترف الرجل وتاب وصلح حاله .
وذكر صاحب الروض عن الشيخ الزاهد أبي محمد عبد الرزاق أحد خواص أصحابه قال مر شيخنا أبو مدين في بعض بلاد المغرب فرأى أسدا افترس حمارا وهو يأكله وصاحبه جالس بالبعد على غاية الحاجة والفاقة فجاء أبو مدين وأخذ بناصية الأسد وقال لصاحب الحمار أمسك الأسد واستعمله في الخدمة موضع حمارك فقال له ياسيدي أخاف منه فقال لا تخف لا يستطيع أن يؤذيك فمر الرجل يقوده والناس ينظرون إليه فلما كان آخر النهار جاء الرجل ومعه الأسد للشيخ وقال له يا سيدي هذا الأسد يتبعني حيث ذهبت وأنا شديد الخوف منه لا طاقة لي بعشرته فقال الشيخ للأسد اذهب ولا تعد ومتى آذيتم بني آدم سلطتهم عليكم .
ومن مشهور كراماته أنه كان ماشيا يوما على ساحل فأسره العدو وجعلوه في سفينة فيها جماعة من أسرى المسلمين فلما استقر في السفينة توقفت عن السير ولم تتحرك من مكانها مع قوة الريح ومساعدتها وأيقن الروم أنهم لا يقدرون على السير فقال بعضهم أنزلوا هذا المسلم فإنه قسيس ولعله من أصحاب السرائر عند الله تعالى وأشاروا له بالنزول فقال لا أفعل إلا إن أطلقتم جميع من في السفينة من الأسارى فعلموا أن لا بد لهم من ذلك