وقد توج بالمعارف المفرق وأقام بقرطبة علما من أعلامها ومتسنما لترفعها وإعظامها تؤثره الدول وتصطفيه أملاكها الأول ما زال فيها مقيما ولا برح عن طريق أمانيها مستقيما إلى أن اغتيل في إحدى الليالي بقضية يطول شرحها فأصبح مقتولا في فراشه مذهولا كل أحد من انبساط الضرب إليه على انكماشه وقد أثبت من محاسنه ما يعجب السامع وتصغي إليه المسامع فمن ذلك قوله .
( وضاعف ما بالقلب يوم رحيلهم ... على ما به منهم حنين الأباعر ) .
( وأصبر عن أحباب قلب ترحلوا ... ألا إن قلبي سائر غير صابر ) .
ولما رجع إلى قرطبة وجلس ليرى ما احتقبه من العلوم اجتمع إليه في المجلس خلق عظيم فلما رأى تلك الكثرة وما له عندهم من الأثرة قال .
( إني إذا حضرتني ألف محبرة ... يكتبن حدثني طورا وأخبرني ) .
( نادت بمفخري الأقلام معلنة ... هذي المفاخر لا قعبان من لبن ) .
وكتب إلى ذي الوزارتين أبي الوليد ابن زيدون .
( أبا الوليد وما شطت بنا الدار ... وقل منا ومنك اليوم زوار ) .
( وبيننا كل ما تدريه من ذمم ... وللصبا ورق خضر وأنوار ) .
( وكل عتب وإعتاب جرى فله ... بدائع حلوة عندي وآثار ) .
( فاذكر أخاك بخير كلما لعبت ... به الليالي فإن الدهر دوار ) .
8 - وقال في ترجمة صاحب العقد الفقيه العالم أبي عمر أحمد بن عبد ربه