فى شمالك حاضر مالك ولا تضمن عاملا مال عمله وحل بينه فيه وبين أمله فإنك تميت رسومك بمحياه وتخرجه من خدمتك فيه إلا أن تملكه إياه ولا تجمع له بين الأعمال فيسقط استظهارك ببلد على بلد والاحتجاج على والد بولد واحرص على أن يكون فى الولاية غريبا ومنتقلة منك قريبا ورهينة لا يزال معها مريبا ولا تقبل مصالحته على شىء اختانه ولو برغيبة فتاته فتقبل المصانعة فى أمانتك وتكون مشاركا له فى خيانتك ولا تطل مدة العمل وتعاهد كشف الأمور ممن يرعى الهمل ويبلغ الأمل .
وأما الولد فأحسن آدابهم واجعل الخير دابهم وخف عليهم من إشفاقك وحنانك أكثر من غلظة جنانك واكتم عنهم ميلك وأفض فيهم جودك ونيلك ولا تستغرق بالكلف بهم يومك ولا ليلك وأثبهم على حسن الجواب وسبق لهم خوف الجزاء على رجاء الثواب وعلمهم الصبر على الضرائر والمهلة عند استخفاف الجرائر وخذهم بحسن السرائر وحبب إليهم مراس الأمور الصعبة المراس وحسن الاصطناع والاحتراس والاستكثار من أولى المراتب والعلوم والسياسات والحلوم والمقام المعلوم وكره إليهم مجالسة الملهين ومصاحبة الساهين وجاهد أهواءهم عن عقولهم وحذر الكذب على مقولهم ورشحهم إذا آنست منهم رشدا أو هديا وأرضعهم من الموازرة والمشاورة ثديا لتمرنهم على الاعتياد وتحملهم على الازدياد ورضهم رياضة الجياد واحذر عليهم الشهوات فهى داؤهم وأعداؤك فى الحقيقة وأعداؤهم وتدارك الخلق الذميمة كلما نجمت واقدعها إذا هجمت قبل أن يظهر تضعيفها ويقوى ضعيفها فإن أعجزتك فى الصغر الحيل عظم الميل .
( إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ... ولن تلين إذا قومتها الخشب ) .
وإذا قدروا على التدبير وتشوفوا للمحل الكبير اياك إن توطنهم فى