أزهار كمائمها وأصيخ بأذن الشوق الى سجع حمائمها وقد داخلتنى الأفراح ونالت منى نشوة الارتياح ودنا السرور لتوهم ذهاب الأتراح فلما أفقت من غمرات سكرى ووثبت من هفوات فكرى وجدت مرارة ما شابه لى فى استغراق دهرى وكأنى من حينئذ عالجت وقفه الفراق وابتدأت منازعه الأشواق وكأنما أغمضنى النوم وسمح لى بتلك الفكرة الحلم .
( ذكر الديار فهاجه تذكاره ... وسرت به من حينه أفكاره ) .
( فاحتل منها حيث كان حلوله ... بالوهم منها واستقر قراره ) .
( ما أقرب الآمال من غفواته ... لو انها قضيت بها أوطاره ) فاذا جئتها ايها القادم والأصيل قد خلع عليها بردا مورسا والربيع قد مد على القيعان منها سندسا فاتخذها فديتك معرسا واجرر ذيولك فيها متبخترا وبث فيها من طيب نفحاتك عنبرا وافتق عليها من نوافج أنفاسك مسكا أذفرا واعطف معاطف بانها وأرقص قضب ريحانها وصافح صفحات نهرها ونافح نفحات زهرها هذه كلها أمارات وعن أسرار مقاصدى عبارات هنالك تنتعش بها صبابات تعالج بإقبالك وتعكف صبابات تتعلل بإقبالك ونعكف على لثم أذيالك وتبدو لك فى صفة الفانى المتهالك لاطفها بلطافه اعتلالك وترفق بها ترفق أمثالك فاذا مالت بهم الى هواك الأشواق ولووا اليك الأرؤس والأعناق وسألوك عن اضطرابى فى الآفاق وتقلبى بين الإشآم والإعراق فقل لهم عرض له فى أسفاره ما يعرض للبدر فى سراره من سرار السرار ولحاق المحاق وقد تركته وهو يسامر الفرقدين ويساير النيرين وينشد اذا راعه البين .
( وقد نكون وما يخشى تفرقنا ... فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا ) لم يفارق وعثاء الأسفار ولا ألقى من يده عصا التسيار يتهاداه الغور والنجد