وعفرت الهزبر وشنفت المسامع وكيفت المطامع وأقلت فيما ارتفع من المواضع وأحلت لما امتنع من المراضع فهى تنجز النعم وتحجز النقم وتبث المذاهب وتحث المواهب وتروض المراد وتنهض المراد وتحرس الأكناف وتغرس الأشراف مصيخة لنداء هذا العماد الأعلى طامحة لمكانه الذى سما واستعلى فيما يملى عليها من البيان الذى يقر له بالتفضيل الملك الضليل ويشهد له بالإحسان لسان حسان ويحكم له ببرى القوس حبيب بن أوس ويهيم بما من الأساليب عنده شاعر كنده ويستمطر سحبه الثرة فصيح المعرة الى منثور تزيل الفقر فقره وتدر الرزق درره لو أنهى الى قس إياد لشكر فى الصنيعة أياديه واستمطر سحبه وغواديه أو بلغ الى سحبان لسحره وما فارقه عشيته ولا سحره ولو رآه الصابى لأبدى اليه من صبوته ما أبدى أو سمعه ابن عباد لكان له عبدا أو بلغ بديع الزمان لهجر بدائعه واستنزر بضائعه أو أتحف به البستى لأتخذه بستانا أو عرض على عبد الحميد لأحمد من صوبه هتانا فأعظم به من عال لا ترقى ثنيته ولا تحاز مزيته ولا يرجم أفقه ولا يكتم حقه ولا ينام له عن اكتساب الحمد ناظر ولا ينقاس به فى الفضل مناظر وهل تقاس الأجادل بالبغاث أو الحقائق بالأضغاث .
ألا وان بيته هو البيت الذى طلع فى أفقه كل كوكب وقاد ممن وشج به للعلوم اتقاء واتقاد وترامى به للمدارك ذكاء وانتقاد فأعظم بهم أعلاما وصدورا وأهله وبدورا خلدت ذكرهم الدواوين المسطرة وسرت فى محامدهم الأنفاس المعطرة الى أن نشا فى سمائهم هذا الأوحد الذى شهرة فضله لا تجحد فكان قمرهم الأزهر ونيرهم الأظهر ووسيطة عقدهم الأنفس ونتيجة مجدهم الأقعس فأبعد فى المناقب آماده ورفع الفخر وأقام عماده وبنى على تلك الآساس المشيدة وجرى لإدراك تلك الغايات البعيدة