من الملوك وما أرضيت واحدا إلا أسخطت الباقين فقالت له اجعل الأمر إلى تخلص فقال وما تقترحين فقالت أن يكون ملكا حكيما فقال نعم ما اخترته لنفسك فكتب في أجوبة الملوك الخطاب أنها اختارت من الأزواج الملك الحكيم فلما وقفوا على الجواب سكت من لم يكن حكيما وكان من الملوك الخاطبين حكيمان فكتب كل واحد منهما أنا الملك الحكيم فلما وقفت على كتابيهما قال لها يا بنية بقي الأمر على إشكال وهذان ملكان حكيمان أيهما أرضيت أسخطت الآخر فقالت سأقترح على كل واحد منهما أمرا يأتي به فأيهما سبق إلى الفراغ مما التمست كنت زوجته قال وما الذي تقترحين عليهما قالت إنا ساكنون بهذه الجزيرة ومحتاجون إلى أرحي تدور بها وإني مقترحة على أحدهما إدارتها بالماء العذاب الجاري إليها من ذلك البر ومقترحة على الأخر أن يتخذ لي طلسما نحصن به جزيرة الأندلس من البربر فاستظرف أبوها ذلك وكتب إلى الملكين بما قالت ابنته فأجاباه إلى ذلك وتقاسماه على ما اختارا وشرع كل واحد منهما في عمل ما أسند إليه من ذلك .
فأما صاحب الرحي فإنه عمد إلى أشكال اتخذها من الحجارة نضد بعضها إلى بعض في البحر المالح الذي بين جزيرة الأندلس والبر الكبير في الموضع المعروف بزقاق سبتة وسدد الفرج التي بين الحجارة بما اقتضت حكمته وأوصل تلك الحجارة من البر إلى الجزيرة وآثاره باقية إلى اليوم في الزقاق الذي بين سبتة والجزيرة الخضراء وأكثر أهل الأندلس يزعمون أن هذا أثر قنطرة كان الإسكندر قد عملها ليعبر عليها الناس من سبتة إلى الجزيرة والله أعلم أي القولين أصح غير أن الشائع إلى الآن عند الناس هو الثاني فلما تم تنضيد الحجارة للملك الحكيم جلب الماء العذب من جبل عال في البر الكبير وسلطه من ساقية محكمة وبنى بجزيرة الاندلس رحى على هذه الساقية .
وأما صاحب الطلسم فإنه أبطأ