المغرب قال الرشيد يقال إن الدنيا بمثابة طائر ذنبه المغرب فقال الرجل صدقوا يا أمير المؤمنين وإنه طاووس فضحك أمير المؤمنين الرشيد وتعجب من سرعة جواب الرجل وانتصاره لقطره .
رجع قال فاغتبط اليونان بالأندلس أتم اغتباط واتخذوا دار الحكمة والملك بها طليطلة لأنها أوسط البلاد وكان أهم الأمور عندهم تحصينها عمن يتصل به خبرها من الأمم فنظروا فإذا هو أنه لا يحسدهم على رغد العيش إلا أرباب الشظف والشقاء والتعب وهم يومئذ طائفتان العرب والبربر فخافوهم على جزيرتهم العامرة فعزموا على أن يتخذوا لهذين الجنسين من الناس طلسما فرصدوا لذلك أرصادا ولما كان البربر بالقرب منهم وليس بينهم سوى تعدية البحر ويرد عليهم منهم طوائف منحرفة الطباع خارجة عن الأوضاع ازدادوا منهم نفورا وكثر تحذرهم من نسب أومجاورة حتى ثبت ذلك في طبائعهم وصار بعضه مركبا في غرائزهم فلما علم البربر عداوة أهل الأندلس وبغضهم لهم أبغضوهم وحسدوهم فلم تجد أندلسيا إلا مبغضا بربريا وبالعكس إلا أن البربر أحوج إلى أهل الأندلس لوجود بعض الأشياء عندهم وفقدها ببلاد البربر .
وكان بنواحي غرب الأندلس ملك يوناني بجزيرة يقال لها قادس وكانت له ابنة في غاية الجمال فتسامع بها ملوك الأندلس وكانت الأندلس كثيرة الملوك لكل بلدة أو بلدتين ملك فخطبوها وخشي أبوها إن زوجها من واحد أسخط الباقين فتحير وأحضر ابنته وكانت الحكمة مركبة في طباع القوم ذكورهم وإناثهم ولذا قيل إن الحكمة نزلت من السماء على ثلاثة أعضاء من أهل الأرض أدمغة اليونان وأيدي أهل الصين وألسنة العرب فقال لها يا بنية إني اصبحت على حيرة في أمرك