وجهالهم إذ لا اعتبار بهم لاحتقارهم وقوله E ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها قد وقع ما خشي منه E من المنافسة في الدنيا فكان كما ذكر انتهى .
وحدث الشيخ أبو البركات قال كنت ببجاية بمجلس الإمام ناصر الدين المشدالي أيام قراءتي عليه وقد أفاض طلبة مجلسه بين يديه هل الملائكة أفضل أم الأنبياء فقلت الدليل لأن الملائكة أفضل أن الله أمرهم بالسجود لآدم قال فجعل الطلبة ينظر بعضهم إلى بعض حتى قال لي بعضهم استند يا سيدنا كأنه يقول إلى حائط ليزول هوس رأسك وكانت عبارتهم في ذلك وكل منهم يقول نحو ذلك إزراء وقال لي الإمام ناصر الدين أبصر فإنهم يقولون لك الحق وكانت لغته أن يقول أبصر قال فقلت أتقولون إن أمر الله للملائكة بالسجود لآدم أمر ابتلاء واختبار قالوا نعم قلت أفيختبر العبد بتقبيل يد سيده ليرى تواضعه قالوا لا فإن ذلك من شأن العبد دون أن يؤمر بل السيد يختبر تواضعه بأن يؤمر بالسجود للعبد قلت فكذا الملائكة لو أمرت بالسجود لأفضل منها لكان بمنزلة أمر العبد بالسجود لسيده قال فكأنما ألقمتهم حجرا .
قال الشيخ أبو البركات وهذه كحكاية أبي بكر ابن الطيب مع بعض رؤساء المعتزلة وذلك أنه اجتمع معه في مجلس الخليفة فناظره في مسألة رؤية الباري فقال له رئيسهم ما الدليل أيها القاضي على جواز رؤية الله تعالى قال قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) فنظر بعض المعتزلة إلى بعض وقالوا جن القاضي وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا به على مذهبهم وهو ساكت ثم قال لهم أتقولون إن من لسان العرب الحائط لا يبصر قالوا لا قال أتقولون إن من لسان العرب لا يأكل قالوا لا قال فلا يصح إذا نفي الصفة إلا عما من شأنه صحة إثباتها له قالوا نعم قال فكذلك قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) لولا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه