( أما الرحيل فدون بعد غد ... فمتى تقول الدار تجمعنا ) .
فأنشد الشريف C تعالى .
( لا مرحبا بغد ولا أهلا به ... إن كان تفريق الأحبة في غد ) .
وحكي أن السيد أبا العباس الشريف المذكور ساير القاضي أبا البركات في بعض أسفاره زمن الشباب ببر الأندلس أعاده الله تعالى فلما انتهيا إلى قرية ترليانة وأدركهما النصب واشتد عليهما حر الهجير نزلا وأكلا من باكر التين الذي هناك وشربا من ذلك الماء العذب واستلقى أبو البركات على ظهره تحت شجرة مستظلا بظلها ثم التفت إلى السيد أبي العباس وقال .
( ماذا تقول فدتك النفس في حالي ... يفنى زماني في حل وترحال ) .
وأرتج عليه فقال لأبي العباس أجز فقال بديها .
( كذا النفوس اللواتي العز يصحبها ... لا ترتضي بمقام دون آمال ) .
( دعها تسر في الفيافي والقفار إلى ... أن تبلغ السؤل أو موتا بتجوال ) .
( الموت أهون من عيش لدى زمن ... يعلي اللئيم ويدني الأشرف العالي ) .
ولما أوقع الشيخ أبو البركات على زوجه الحرة العربية أم العباس عائشة بنت الوزير المرحوم أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الكتاني ثم المغيلي طلقة كتب نسختها بما نصه بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وعلى آل محمد يقول عبد الله الراجي رحمته محمد المدعو بأبي البركات ابن الحاج خار الله له ولطف به إن الله جلت قدرته لما أنشأ خلقه على طبائع مختلفة وغرائز شتى ففيهم السخي والبخيل والشجاع والجبان والغبي والفطن والكيس والعاجز والمسامح والمناقش والمتكبر والمتواضع إلى غير ذلك من الصفات المعروفة من الخلق كانت العشرة لا تستمر بينهم إلا بأحد أمرين إما بالاشتراك في الصفات أو في