رآه مجاهد لعلم أنه في التحقيق خير جاهد أو مقاتل لقال مثلك طبق من الفهوم الكلي وأصاب المقاتل أو الزمخشري لعلم أنه كشاف الخفيات على الحقيقة وقال لكتابه تنح لهذا الحبر عن سلوك الطريقة أو ابن عطية لركب في الرحلة إلى الاستفادة منه المطية أو أبو حيان لغرق في نهره ولم تسل له نقطة من بحره إلى الإحاطة بالحديث وفنونه والاطلاع على أسانيده ومتونه ومعرفة منكره ومعروفه ونظم أنواعه ورصف صنوفه إذ إليه الرحلة انتهت في رواياته ودراياته وعليه المعول في حل مشكلاته وفتح مقفلاته وأما الأصول فالعضد ينقطع عند مناظرته ساعده والسيف يكل عند بحثه حده حتى يترك ما عنده ويساعده والبرهان لا يهتدي معه لحجة والمقترح لا يركب في بحره لجة وأما النحو فلو رآه محمود لتلجلج في قراءة المفصل واستقل ما عنده من القدر المحصل أو الرماني لاشتاق إلى مفاكهته وارتاح واستجدى من ثمار فوائده وامتاح أو الزجاج لعلم أن زجاجه لا يقوم بجواهره وأنه لا يجري معه في هذا العلم إلا في ظواهره بل لو رآه الخليل لقال هذا هو المقصد الجليل وأثنى عليه بكل جميل وقال لفرسان النحو ما لكم إلى لحوق عربيته من سبيل وأما البيان فالمصباح لا يظهر له نور عند هذا الصبح وصاحب المفتاح لا يهتدي معه إلى الفتح والقزويني يلقي علومه لإيضاح المعاني والسعد يرقى بمفهومه في مطالع المثاني وكم له من مناقب تنحط عن منالها الثواقب ومواهب تجلو بأنوارها الغياهب وأما زهده