الولد المسمى بالسعيد كان ممن دانت له الطاعة وأناخ راحلة الملك وحلب ضرع الدولة وخطب عروس الموهبة فأنشب ظفره في متات معقود من لدن الأب مشدود من لدن القرابة فاستحكم عن قرب واستغلظ عن كثب فاستولى على أمره وخلطه بنفسه ولم يستأثر عنه ببثه ولا انفرد بما سوى بضع أهله بحيث لا يقطع في شيء إلا به و عن رأيه ولا يمحو ويثبت إلا واقفا عند حده فغشيت بابه الوفود وصرفت إليه الوجوه ووقفت عليه الآمال وخدمته الأشراف وجلبت إلى سدته بضائع العقول والأموال وهادته الملوك فلا تحدو الحداة إلا إليه ولا تحط الرحال إلا لديه إن حضر أجرى الرسم وأنفذ الأمر والنهي لحظا أو سرارا أو مكاتبة وإن غاب ترددت الرقاع واختلفت الرسل ثم انفرد أخيرا ببيت الخلوة ومنتبذ المناجاة من دونه معصب الوزراء وغايات الحجاب فإذا انصرف تبعته الدنيا وسارت بين يديه الوزراء ووقفت ببابه الأمراء وقد وسع الكل لحظه وشملهم بحسب الرتب والأحوال رعيه ووسم أفذاذهم تسويده وعقدت ببنان عليتهم بنانه لكن رضى الناس الغاية التي لا تدرك والحسد بين بني آدم قديم وقبيل الملك مباين لمثله فطويت الجوانح على سل وحنيت الضلوع على بث وأغضيت الجفون على قذى إلى أن كان من نكبته الثالثة ما هو معروف جعلها الله له طهورا ولما جرت الحادثة على الدولة بالأندلس وكان لحاق جميعنا بالمغرب جنيت ثمرة ما أسلفته من وده فوفي الكيل وأشرك في الجاه وأدر الرزق ورفع