مضطلعا بتفاريق النحل قائما على العربية والأصلين طبقة الوقت في الشعر وفحل الأوان في المطول أقدر الناس على اجتلاب الغريب ثم ذكر من أحواله جملة إلى أن قال وبلغ الوزير أبا عبد الله ابن الحكيم أنه يروم السفر فشق ذلك عليه وكلفه تحريك الحديث بحضرته وجرى ذلك فقال الشيخ أنا كالدم بطبعي أتحرك في كل ربيع انتهى .
وقال ابن خاتمة في مزية المرية على غيرها من البلاد الأندلسية إنه نظم في الوزير ابن الحكيم القصائد التي حليت بها لبات الآفاق وتنفست عنها صدور الرفاق وكان من فحول الشعراء وأعلام البلغاء يصرف العويص ويرتكب مستعصبات القوافي ويطير في القريض مطار ذي القوادم الباسقة الخوافي حافظا لأشعار العرب وأخبارها وله مشاركة في العقليات واستشراف على الطلب وقعد لإقراء العربية بحضرة غرناطة ومال بأخرة إلى التصوف والتجوال والتحلي بحسن السمت وعدم الاسترسال بعد طي بساط ما فرط له في بلده من الأحوال وكان صنع اليدين حدثني بعض ما لقيت من الشيوخ أنه صنع قدحا من الشمع على أبدع ما يكون في شكله ولطافة جوهره وإتقان صنعته وكتب بدائرة شفته .
( وما كنت إلا زهرة في حديقة ... تبسم عني ضاحكات الكمائم ) .
( فقلبت من طور لطور فها أنا ... أقبل أفواه الملوك الأعاظم ) .
وأهداه خدمة للوزير أبي عبد الله ابن الحكيم .
وأنشدنا شيخنا القاضي أبو البركات ابن الحاج وحكى لنا قال أنشدني أبو عبد الله ابن خميس وحكى لي قال لما وقفت على الجزء الذي ألفه ابن سبعين وسماه الفقيرية كتبت على ظهره .
( الفقر عندي لفظ دق معناه ... من رامه ذوي الغايات عناه ) .
( كم من غبي بعيد عن تصوره ... أراد كشف معماه فعماه )