السكوت فتكلمت هل يجتزأ بذلك والإجزاء هنا أقرب لأنه الأصل والصمات رخصة لغلبة الحياء فإن قلت البت أصل ونفي العلم إنما يعتبر عند تعذره قلت ليس رخصة كالصمات .
ومنها أنه قال سألني بعض الفقراء عن السبب في سوء بخت المسلمين في ملوكهم إذ لم يل امرهم من يسلك بهم الجادة ويحملهم على الواضحة بل من يغتر في مصلحة دنياه غافلا عن عاقبة أخراه فلا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة ولا يراعي عهدا ولا حرمة فأجبته بأن ذاك لأن الملك ليس في شريعتنا وذلك أنه كان فيمن كان قبلنا شرعا قال الله تعالى ممتنا على بني إسرائيل ( وجعلكم ملوكا ) المائدة 20 ولم يكن ذلك في هذه الأمة بل جعل لهم خلافة قال الله تعالى ( وعد الله الذين آمنوا منكم والذين عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض - الآية ) النور 55 وقال تعالى ( وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ) البقرة 247 وقال سليمان ( رب اغفر لي وهب لي ملكا ) ص 35 فجعلهم الله تعالى ملوكا ولم يجعل في شرعنا إلا الخلفاء فكان أبو بكر خليفة رسول الله وإن لم يستخلفه نصا لكن فهم الناس ذلك فهما وأجمعوا على تسميته بذلك ثم استخلف أبو بكر عمر فخرج بها عن سبيل الملك الذي يرثه الولد عن الوالد إلى سبيل الخلافة الذي هو النظر والإختيار ونص في ذلك على عهده ثم اتفق أهل الشورى على عثمان فإخراج عمر لها عن بنيه إلى الشورى دليل على أنها ليست ملكا ثم تعين علي بعد ذلك إذ لم يبق مثله فبايعه من آثر الحق على الهوى واصطفى الآخرة على الدنيا ثم الحسن كذلك ثم كان معاوية أول من حول الخلافة ملكا والخشونة