فغضب السلطان وبعث فيه فجعل المبعوثون يأتونه واحدا بعد واحد وهو متمهل في وضوئه وإصلاح بزته ومركوبه ثم جعل يمشي الهوينا فلقيه ابنه فقال له أسرع فقد أكثر السلطان من التوجيه إليك وهو واجد عليك فقال له مسكين أبو يحيى خاف وثبت على حاله فلما كان في الطريق لقي بعض العلماء فتعرض إليه فقال قل بخفي لطفك بلطيف صنعك بجميل سترك دخلت في كنفك تشفعت بنبيك فحفظه ثم طلبه فلم يجده فجعل يقول ذلك فلما رآه السلطان سكن ما به ثم سأله عن ذلك برفق فقال له القاضي كرهت الخراب بقرب القرويين وبالشماعين الذي هو عين فاس فسألت الوالي ذلك على أني أغرم إن لم تجز وقلت له المرجو من السلطان أن يجعله حبسا فقال قد فعلت ثم بعث إلى الشهود وحبسه على الجامع وشكر للقاضي صنيعه وصرفه مغبوطا .
وهذا السلطان هو أبو يعقوب يوسف بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني وتوفي محاصرا لتلمسان في ذي القعدة من عام ستة وسبعمائة وكان ابتداء حصاره إياها سنة ثمان وتسعين وستمائة وكان جملة الحصار فيما حدثت ألف شهر انتهى .
ومن فوائد مولاي الجد C تعالى ما حكاه تلميذه أبو إسحاق الشاطبي في كتاب الإنشادات والإفادات ونصه إفادة حضرت يوما مجلسا في المسجد الجامع بغرناطة مقدم الأستاذ القاضي أبي عبد الله المقري في أواخر ربيع الأول عام سبعة وخمسين وسبعمائة وقد جمع ذلك المجلس القاضي أبا عبد الله والقاضي أبا القاسم الشريف شيخنا والأستاذ أبا سعيد ابن لب والأستاذ أبا عبد الله البلنسي وذا الوزارتين أبا عبد الله ابن الخطيب وجماعة من الطلبة