عن النذير الصادق هو الذي حملني على نصحكم ومراجعتكم في كثير من الأمور منها الإشارة عليكم بإذهاب عين ما كتبتم به في التاريخ وأمثاله فإنكم نفعتم بما وقعتم فيه من الغيبة المحرمة أحياء وأمواتا لغير شيء حصل بيدكم وضررتم نفسكم بما رتبتم لهم من المطالبات بنص الكتاب والسنة قبلكم والرضى بهذه الصفقة الخاسرة أمر بعيد من الدين والعقل وقد قلت لكم غير مرة عن أطراسكم المسودة بما دعوتم إليه من البدعة والتلاعب بالشريعة إن حقها التخريق والتحريق وإن من أطراها لكم فقد خدع نفسه وخدعكم والله الشهيد بأني نصحتكم وما غششتكم وليس هذا القول وإن كان ثقيلا عليكم بمخالف كل المخالفة لما ذنبتم به من تقدم المواجهة بالملاطفة والمعاملة بالمكارمة فليست المداراة بقادحة في الدين بل هي محمودة في بعض الأحوال مستحسنة على ما بينه العلماء إذ هي مقاربة في الكلام أم مجاملة بأسباب الدنيا لصلاحها أو صلاح الدين وإنما المذموم المداهنة وهي بذل الدين لمجرد الدنيا والمصانعة به لتحصيلها ومن خالط للضرورة مثلكم وزايله بأخلاقه ونصحه مخاطبة ومكاتبة واستدل له بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله على صحة مقالته فقد سلم والحمد لله من مداهنته وقام لله تعالى بما يجب عليه في حقكم من التحذير والإنكار مع الإشفاق والوجل .
وأكثرتم في كتابكم من المن بما ذكرتم أنكم صنعتم وعلى تقدير الموافقة لكم ليتكم ما فعلتم فسلمنا من المعرة وسلمتم وجل القائل سبحانه ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم ) البقرة 263 وقلما شاركتم أنتم في شيء إلا بأغراض حاصلة في يدكم ولأغراض دنيوية خاصة بكم فالملام إذن في الحقيقة إنما هو متوجه إليكم وأما ما أظهرتم بمقتضى حركاتكم وكلامكم من التندم على فراق محلكم والتعلل بأخبار قطركم وأهلكم فتناقض منكم وإن كنتم فيه بغدركم