الطبول ونودي بدعوته وقد كان أخوه السلطان متحولا بولده إلى سكنى الجنة المنسوبة للعريف لصق داره وهي المثل المضروب في الظل الممدود والماء المسكوب والنسيم البليل يفصل بينهما وبين معقل الملك السور المنيع والخندق المصنوع فما راعه إلا النداء والعجيج وأصوات الطبول وهب إلى الدخول إلى القلعة فألفاها قد أخذت دونه شعابها كلها ونقابها وقذفته الحراب ورشقته السهام فرجع أدراجه وسدده الله تعالى في محل الحيرة ودس له عرق الفحول من قومه فامتطى صهوة فرس كان مرتبطا عنده وصار لوجهه فأعيا المتبع وصبح مدينة وادي آش ولم يشعر حافظ قصبتها إلا به وقد تولج عليها فالتف به أهلها وأعطوه صفقتهم بالذب عنه فكان أملك بها وتجهزت الحشود إلى منازلته وقد جدد أخوه المتغلب على ملكه عقد السلم مع طاغية قشتالة باحتياجه إلى سلم المسلمين لجراء فتنة بينه وبين البرجلونيين من أمته واغتبط به أهل المدينة فذبوا عنه ورضوا بهلاك نعمتهم دونه واستمرت الحال إلى يوم عيد النحر من عام التاريخ ووصله رسول صاحب المغرب مستنزلا عنها ومستدعيا إلى حضرته لما عجز عن إمساكها وراسل ملك الروم فلم يجد عنده من معول فانصرف ثاني يوم عيد النحر المذكور وتبعه الجمع الوافر من أهل المدينة خيلا ورجلا إلى مربلة من ساحل إجازته وكان وصوله إلى مدينة فاس مصحوبا من البر والكرامة بما لا يزيد عليه في السادس من شهر محرم فاتح عام أحد وستين وسبعمائة وركب السلطان للقائه ونزل إليه عندما سلم عليه وبالغ في الحفاية به وكنت قد ألحقت به مفلتا من شرك النكبة التي استأصلت المال وأوهمت سوء الحال بشفاعة السلطان أبي سالم قدس الله روحه فقمت بين يديه في الحفل المشهود يومئذ وأنشدته