( ومن أدباء النظم والنثر معشر ... تفوق بناديها بلاغة سحبان ) .
( وكانت على الأعداء في حومة الوغى ... تطول بأبطال وتسطو بشجعان ) .
( وما برحت فيها محاسن جمة ... وفي كل نوع أهل حذق وإتقان ) .
( إلى أن رمتها الحادثات بأسهم ... وسلت عليها سيف بغي وعدوان ) .
( فما لبثت تلك المحاسن أن عفت ... وأقفر ربع الأنس من بعد سكان ) .
( وشتت ذاك الشمل من بعد جمعه ... كما انتثرت يوما قلائد عقيان ) .
( فأعظم برزء خص خير مدينة ... وخير أناس بين عجم وعربان ) .
( لعمري لقد كادت عليها قلوبنا ... تضرم من خطب عراها بنيران ) .
( وقد عمنا غم بعظم مصابها ... وإن خصني منه المضر بجثماني ) .
( وما بقيت فيما علمناه بلدة ... من الشرق إلا ألبست ثوب أحزان ) .
( فصبرا أخي صبرا على المحنة التي ... رمتك بها الأقدار ما بين إخوان ) .
( فما الدهر إلا هكذا فاصطبر له ... رزية مال أو تفرق خلان ) .
( أأحبابنا إن فرق الدهر بيننا ... وطال مغيبي عنكم منذ أزمان ) .
( فإني على حفظ الوداد وحقكم ... مقيم وما هجر الأحبة من شاني ) .
( ووالله والله العظيم ألية ... على صدقها قامت شواهد برهان ) .
( لقد زاد وجدي واشتياقي إليكم ... وبرح بي طول البعاد وأضناني ) .
( فلا تحسبوا أني تسليت بعدكم ... بشيء من الدنيا وزخرفها الفاني ) .
( ولا أنني يوما تناسيت عهدكم ... بحال ولا أن التكاثر ألهاني ) .
( ولا راقني روض ولا هش مسمعي ... لنغمة أطيار ورنة عيدان ) .
( ولا حل في فكري سواكم بخلوة ... ولا جلوة ما بين حور وولدان ) .
( ولا اختلجت يوما ضمائر مهجتي ... لغيركم في سر سري وإعلاني ) .
( ولو لم أسل النفس بالقرب واللقا ... لأدرج جسمي في مقاطع أكفاني )