( فيا طال بالأسحار ما قد تكلفت ... بإنعاش محزون وإيقاظ وسنان ) .
( وتنفيس كرب عن كثيب متيم ... يحن إلى أهل ويصبو لأوطان ) .
( فلله ما أذكى شذا نسمة الصبا ... صباحا إذا مرت على الرند والبان ) .
( وسارت مسير الشمس وهنا فأصبحت ... من الشرق نحو الغرب تجري بحسبان ) .
( وقد وقفت بالشام وقفة حامل ... نوافج مسك من ظباء خراسان ) .
( لترتاض في تلك الرياض هنيئة ... وتزداد من أزهارها طيب أردان ) .
( وما غربت حتى تضاعف نشرها ... بواسطتي روح هناك وريحان ) .
( فكم نحوكم حملتها من رسالة ... مدونة في شرح حالي ووجداني ) .
( وناشدتها بالله إلا تفضلت ... بتبليغ أحبابي السلام وجيراني ) .
( تحية مشتاق إلى ذلك الحمى ... وسكانه والنازحين بأظعان ) .
( سقى الله هاتيك الديار وأهلها ... سحائب تحكي صوب مدمعي القاني ) .
( وحيا ربوع الحي من خير بلدة ... تخيرها قدما أفاضل يونان ) .
( هي الحضرة العليا مدينة تونس ... أنيسة إنسان رآها بإنسان ) .
( لها الفخر والفضل المبين بما حوت ... من الأنس والحسن المنوط بإحسان ) .
( لقد حل منها آل حفص ملوكها ... مراتب تسمو فوق هامة كيوان ) .
( وسادوا بها كل الملوك وشيدوا ... بها من مباني العز أفخر بنيان ) .
( وكان لهم فيها بهاء وبهجة ... وحسن نظام لا يعاب بنقصان ) .
( وكان لهم فيها عساكر جمة ... تصول بأسياف وتسطو بمران ) .
( وجيوش وفرسان يضيق بها الفضا ... ويحجم عنها الفرس من آل ساسان ) .
( وكان لأهليها المفاخر والعلا ... وكان بها حصنا أمان وإيمان ) .
( وكان على الدنيا جمال بحسنها ... وحسن بنيها من ملوك وأعيان ) .
( وكانت لطلاب المعارف قبلة ... لما في حماها من أئمة عرفان ) .
( وكان لأهل العلم فيها وجاهة ... وجاه وعز مجده ليس بالفاني ) .
( وكان بواديها المقدس فتية ... تقدس باريها بذكر وقرآن )