به في تلك البلاد الشياطين وسرى هذا الأمر حتى بلغ أرض البيازين من غرناطة وكانوا من التعصب وحمية الجاهلية والجهل بالمقام الذي لا يخفى وتبعهم بعض المفسدين المحبين في تفريق كلمة المسلمين وممن مال الى الصلح عامة غرناطة لضعف الدولة ووسوس للناس شياطين الفتنة وسماسرتها بتقبيح وتحسين إلى أن قام ربض البيازين بدعوة السلطان الذي كان مأسورا عند المشركين ووقعت فتنة عظيمة في غرناطة نفسها بين المسلمين لما أراده الله تعالى من استيلاء العدو على تلك الأقطار ورجموا البيازين بالحجارة من القلعة وعظم الخطب وكانت الثورة ثالث شهر ربيع لأول عام احد وتسعين وثمانمائة ودامت الفتنة إلى منتصف جمادى الأولى من العام وبلغ الخبر ان السلطان الذي قاموا بدعوته قدم على لوشة ودخلها على وجه رجاء الصلح بينه وبين عمه الزغل صاحب قلعة غرناطة بان العم يكون له الملك وابن أخيه تحت إيالته بلوشة او بأي المواضع أحب ويكونون يدا واحدة على عدو الدين وبينما هم في هذا إذا بصاحب قشتالة قد خرج بجند عظيم ومحلة قوية وعدد وعدد ونازل لوشة حيث السلطان أبو عبدالله الذي كان أسيرا وضيق بها الحصار وقد كان دخلها جماعة من اهل البيازين بنية الجهاد والمعاضدة وليهم وخاف اهل غرناطة وسواها من أن يكون ذلك حيلة فلم يأت لنصرتهم غير البيازين واشتد عليهم الحصار وكثرت الأقاويل وصرحت الألسن بان ذلك باتفاق بين السلطان المأسور وصاحب قشتالة ودخل على أهل لوشة في ربضهم وخافوا من الاستئصال فطلبوا الأمان في اموالهم وأنفسهم وأهليهم فوفى لهم صاحب قشتالة بذلك واخذ البلد في السادس والعشرين لجمادى الأولى سنة احدى وتسعين وثمانمائة وهي أعني لوشة كانت بلد سلف الوزير لسان الدين ابن الخطيب كما ذكرناه مستوفى في غير هذا الموضع وهاجر أهل لوشة الى غرناطة وبقي السلطان أبو عبدالله الذي كان مأسورا مع النصراني بلوشة فصرح عند ذلك أهل غرناطة بانه ماجاء للوشة إلا ليدخل إليها العدو الكافر