وفي جمادى الأولى من السنة تواترت الأخبار أن صاحب قشتالة أتى في جنود لا تحصى ولا تحصر فاجتمع الناس بغرناطة وتكلموا في ذلك وإذا به قد قصد لوشة ونازلها قصدا ان يضيفها إلى الحامة وجاء بالعدة والعدد واغارت على النصارى جملة من المسلمين فقتلوا من لحقوه وأخذوا جملة من المدافع الكبار ثم جاءت جماعة أخرى من أهل غرناطة وناوشوا النصارى فألجؤوهم إلى الخروج عن الخيام وأخذوها وغيرها فهرب النصارى وتركوا طعاما كثيرا وآلة ثقيلة وذلك في السابع والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة .
وفي هذا اليوم بعينه هرب الأميران أبو عبدالله محمد وأبو الحجاج يوسف خوفا من أبيهما أن يفتك بهما بإشاره حظيته الرومية ثريا واستقرا بوادي آش وقامت بدعوتهما ثم بايعتهما تلك البلاد المرية وبسطة وغرناطة وهرب أبوهما السلطان أبو الحسن إلى مالقة .
وفي صفر سنة ثمان وثمانين وثمانمائة اجتمع جميع رؤساء النصارى وقصدوا قرى مالقة وبلش في نحو الثمانية آلاف وفيهم صاحب إشبيلية وصاحب شريش وصاحب إستجة وصاحب أنتقيرة وغيرهم فلم يتمكنوا من اخذ حصن ونشبوا في اوعار ومضايق وخنادق وجبال واجتمع عليهم أهل بلش ومالقة وصار المسلمون ينالون منهم في كل محل حتى بلغوا مالقة ففر كبيرهم ومن بقي أسر أو قتل وكان السلطان ابو الحسن في ذلك الوقت قد تحرك لنواحي المنكب وبقي أخوه أبو عبدالله بمالقة ومعه بعض الجند وقتل من النصارى في هذه الوقعة نحو ثلاثة آلاف وأسر نحو ألفين من جملتها خال السلطان وصاحب إشبيلية وصاحب شريش وصاحب انتقيرة وغيرهم وهم نحو الثلاثين من الأكابر وغنم المسلمون غنيمة وافرة من الأنفس والأموال والعدة والذهب والفضة وبعقب ذلك سافر أهل مالقة لبلاد النصارى فكسروا هنالك كسرة شنيعة قتل فيها أكثر قواد غرب الأندلس