وألمعيهم ذاك أبو ربيعنا وشيخ جميعنا سعد بشهادة يومه ولم ير ما يسوءه في اهله وقومه وبعد ذلك أخذ من الأم بالمخنق وهي بلنسية ذات الحسن والبهجة والرونق وما لبث أن أخرس من مسجدها لسان الأذان وأخرج من جسدها روح الايمان فبرح الخفاء وقيل على آثار من ذهب العفاء وانعطفت النوائب مفردة ومركبة كما تعطف الفاء فأودت الخفة والحصافة وذهب الجسر والرصافة ومزقت الحلة والشملة وأوحشت الجرف والرملة ونزلت بالحارة وقعة الحرة وحصلت الكنيسة من جآذرها وظبائها على طول الحسرة فأين تلك الخمائل ونضرتها والجداول وخضرتها والأندية وأرجها والأودية ومنعرجها والنواسم وهبوب مبتلها والأصائل وشحوب معتلها دار ضاحكت الشمس بحرها وبحيرتها وأزهار ترى من أدمع الطل في أعينها ترددها وحيرتها ثم زحفت كتيبة الكفر بزرقها وشقرها حتى أحاطت بجزيرة شقرها فآها لمسقط الرأس هو نجمه ولفادح الخطب سرى كلمه ويالجنة أجرى الله تعالى النهر تحتها وروضة أجاد أبو إسحاق نعتها وإنما كانت داره التى فيها دب وعلى أوصاف محاسنها أكب وفيها اتته منيته كما شاء وأحب ولم تعدم بعده محبين قشيبهم إليها ساقوه ودمعهم عليها أراقوه وقد أثبت من النظم ما يليق بهذا الموضع وإن لم يكن له ذلك الموقع .
( أقلوا ملامي أو فقولوا وأكثروا ... ملومكم عما به ليس يقصر ) .
( وهل غير صب ما تني عبراته ... إذا صعدت أنفاسه تتحدر ) .
( يحن وما يجدي عليه حنينه ... إلى أربع معروفها متنكر )