فخافه الأمير أبو عبدالله محمد بن سعد بن مردنيش صاحب شرق الأندلس مرسية وأعمالها وما انضاف إليها فحمل على قلبه فمرض فمات وشرع السلطان يوسف في استرجاع بلاد المسلمين من أيدي الفرنج فاتسعت مملكته بالأندلس وأغارت سراياه على طليطلة إذ هي قاعدة ملكهم ثم إنه حاصرها فاجتمعت طائفة الفرنج عليه واشتد الغلاء في عسكره فرحل عنها وعاد إلى حضرة ملكه مراكش المحروسة .
قصيدة في استنهاض الحفصي بعد سقوط بلنسية .
ولم يزل أهل الأندلس بعد ظهور النصارى دمرهم الله تعالى على كثير منها يستنهضون عزائم الملوك والسوقة لأخذ الثار بالنظم والنثار فلم ينفعهم ذلك حتى اتسع الخرق وأعضل الداء أهل الغرب والشرق فمن القصائد الموجهة في ذلك قول بعضهم لما أخذت بلنسية يخاطب صاحب إفريقية أبا زكريا ابن عبدالواحد بن أبي حفص .
( نادتك أندلس فلب نداءها ... واجعل طواغيت الصليب فداءها ) .
( صرخت بدعوتك العلية فاحبها ... من عاطفاتك ما يقي حوباءها ) .
( واشدد بجلبك جرد خيلك أزرها ... تردد على أعقابها أرزاءها ) .
( هي دارك القصوى أوت لإيالة ... ضمنت لها مع نصرها إيواءها ) .
( وبها عبيدك لا بقاء لهم سوى ... سبل الضراعة يسلكون سواءها ) .
( خلعت قلوبهم هناك عزاءها ... لما رأت أبصارهم ما ساءها ) .
( دفعوا الأبكار الخطوب وعونها ... فهم الغداة يصابرون عناءها ) .
( وتنكرت لهم الليالي فاقتضت ... سراءها وقضتهم ضراءها ) .
( تلك الجزيرة لا بقاء لها إذا ... لم يضمن الفتح القريب بقاءها ) .
( رش أيها المولى الرحيم جناحها ... واعقد بأرشية النجاة رشاءها )