والكسوة خمسمائة جمل وقدر من قتل وأسر بمائة ألف نفس وقيل خمسون ألف نفس ومن نوادر ماجرى على هذه المدينة لما فسدت القناة وانقطعت المياه أن المرأة كانت تقف على السور وتنادي من يقرب منها أن يعطيها جرعة ماء لنفسها او ولدها فيقول لها أعطيني ما معك فتعطيه ما معها من كسوة وحلي وغيره .
قال وكان السبب في قتلهم أنه خاف من يصل لنجدتهم وشاهد من كثرتهم ما هاله فشرع في القتل لعنه الله تعالى حتى قتل منهم نيفا وستة آلاف قتيل ثم نادى الملك بتامين من بقي وامر أن يخرجوا فازدحموا في الباب إلى ان مات منهم خلق عظيم ونزلوا من الأسوار في الحبال للخشية من الازدحام في الأبواب ومبادرة إلى شرب الماء وكان قد تحيز في وسط المدينة قدر سبعمائة نفس من الوجوه وحاروا في نفوسهم وانتظروا ما ينزل بهم فلما خلت ممن أسر وقتل وأخرج من الأبواب والأسوار وهلك في الزحمة نودي في تلك البقية بأن يبادر كل منهم إلى داره بأهله وله الأمان وأرهقوا وأزعجوا فلما حصل كل واحد بمن معه من أهله في منزله اقتسمهم الافرنج لعنهم الله تعالى بأمر الملك وأخذ كل واحد دارا بمن فيها من أهلها نعوذ بالله تعالى .
وكان من أهل المدينة جماعة قد عاذوا برؤوس الجبال وتحصنوا بمواضع منيعة وكادوا يهلكون من العطش فأمنهم الملك على نفوسهم وبرزوا في صور الهلكى من العطش فأطلق سبيلهم فبينما هم في الطريق إذ لقيتهم خيل الكفر ممن لم يشهد الحادثة فقتلوهم إلا القليل ممن نجا بأجله .
قال وكان الفرنج لعنهم الله تعالى لما استولوا على أهل المدينة يفتضون البكر بحضرة أبيها والثيب بعين زوجها وأهلها وجرى من هذه الأحوال مالم يشهد المسلمون مثله قط فيما مضى من الزمان ومن لم يرض منهم أن يفعل ذلك في خادم أو ذات مهنة أو وخش أعطاهن خوله وغلمانه يعيثون فيهن عيثة وبلغ الكفرة منهم يومئذ ما لا تلحقه الصفة على الحقيقة ولما عزم ملك الروم