يوسف بن تاشفين بظاهر إشبيلية ثلاثة أيام ووردت عليه من المغرب أخبار تقتضي العزم فسافر وذهب معه ابن عباد يوما وليلة فحلف ابن تاشفين وعزم عليه في الرجوع وكانت جراحاته تورمت عليه فسير معه ولده عبدالله إلى أن وصل البحر وعبر إلى المغرب .
ولما رجع ابن عباد إلى إشبيلية جلس للناس وهنىء بالفتح وقرأت القراء وقام على رأسه الشعراء فأنشدوه قال عبدالجليل بن وهبون حضرت ذلك اليوم وأعددت قصيدة أنشدها بين يديه فقرأ القارىء ( إلا تنصروه فقد نصره الله ) التوبة 40 فقلت بعدا لي ولشعري والله ما أبقت لي هذه الآية معنى أحضره وأقوم به .
ولما عزم السلطان يوسف بن تاشفين إلى بلاده ترك الأمير سير بن أبي بكر أحد قواده المشاهير وترك معه جيشا برسم غزو الفرنج فاستراح الأمير المذكور أياما قلائل ودخل بلاد الأذفونش وأطلق الغارة ونهب وسبى وفتح الحصون المنيعة والمعاقل الصعبة العويصة وتوغل في البلاد وحصل أموالا وذخائر عظيمة ورتب رجالا وفرسانا في جميع ما أخذه وأرسل للسلطان يوسف جميع ما حصله وكتب له يعرفه أن الجيوش بالثغور مقيمة على مكابدة العدو وملازمة الحرب والقتال في أضيق العيش وانكده وملوك الأندلس في بلادهم وأهليهم فى أرغد العيش وأطيبه وسأله مرسومه فكتب إليه أن يأمرهم بالنقلة والرحيل إلى أرض العدوة فمن فعل فذاك ومن أبى فحاصره وقاتله ولا تنفس عليه ولتبدأ بمن والى الثغور ولا تتعرض للمعتمد بن عباد إلا بعد استيلائك على البلاد وكل بلد أخذته فول فيه أميرا من عساكرك فأول من ابتدأ به من ملوك الأندلس بنوهود وكانوا بروطة بضم الراء المهماة وبعدها واو ساكنة وطاء مهملة مفتوحة وبعدها هاء ساكنة وهي قلعة منيعة من