بلائه وجميل صبره وسأله عن حاله عندما أسلمته رجاله بانهزامهم عنه فقال له هم هؤلاء قد حضروا بين يديك فليخبروك .
وكتب ابن عباد إلى إبنه بإشبيلية كتابا مضمونه كتابي هذا من المحلة المنصورة يوم الجمعة الموفي عشرين من رجب وقد أعز الله الدين ونصر المسلمين وفتح لهم الفتح المبين وهزم الكفرة والمشركين وأذاقهم العذاب الأليم والخطب الجسيم فالحمدلله على مايسره وسناه من هذه المسرة العظيمة والنعمة الجسيمة في تشتيت شمل الأذفونش والاحتواء على جميع عساكره أصلاه الله نكال الجحيم ولا اعدمه الوبال العظيم المليم بعد إتيان النهب على محلاته واستئصال القتل في جميع أبطاله وحماته حتى اتخذ المسلمون من هاماتهم صوامع يؤذنون عليها فلله الحمد على جميل صنعه ولم يصبني والحمد لله إلا جراحات يسيرة آلمت لكنها فرجت بعد ذلك فلله الحمد والمنة والسلام .
واستشهد في ذلك اليوم جماعة من الفضلاء والعلماء وأعيان الناس مثل ابن رميلة صاحب الرؤيا المذكورة وقاضي مراكش أبي مروان عبدالملك المصمودي وغيرهما رحمهم الله تعالى .
وحكي ان موضع المعترك كان على اتساعه ماكان فيه موضع قدم إلا على ميت أو دم وأقامت العساكر بالموضع أربعة أيام حتى جمعت الغنائم واستؤذن في ذلك السلطان يوسف فعف عنها وآثر بها ملوك الأندلس وعرفهم أن مقصده الجهاد والأجر العظيم وماعند الله في ذلك من الثواب المقيم فلما رأت ملوك الأندلس إيثار يوسف لهم بالغنائم استكرموه وأحبوه وشكروا له ذلك .
ولما بلغ الأذفونش إلى بلاده وسأل عن أبطاله وشجعانه وأصحابه ففقدهم ولم يسمع إلا نواح الثكلى عليهم اهتم ولم يأكل ولم يشرب حتى هلك غما وهما وراح إلى أمه الهاوية ولم يخلف إلا بنتا واحدة جعل الأمر إليها فتحصنت بطليطلة .
ورحل المعتمد إلى إشبيلية ومعه السلطان يوسف بن تاشفين فأقام السلطان